أصحاب المهن المكتبية مهددون بآلام الفقرات والكتف والظهر والتهاب الأوتار

رغم أن كثيراً من أعمالهم تخلو من مصادر الخطورة الواضحة مثل الماكينات والآلات الحادة، فإن أصحاب المهن المكتبية وبعض المهن الحرة الأخرى ليسوا بمنأى عن الأمراض المهنية أيضاً، وإن كانت تختلف فى طابعها عن تلك التى قد يتعرض لها عمال المصانع، وذلك حسبما أوضح مؤتمر «التحديات البيئية والمهنية وتأثيرها على صحة الإنسان»، الذى نظمه مؤخراً قسم الطب البيئى والمهنى بمعهد بحوث البيئة والتغيرات المناخية التابع للمركز القومى للبحوث، وألقى الضوء على المشاكل المهنية التى قد يعانى منها الكثيرون، مثل مستخدمى الكمبيوتر، بهدف إبقاء العمال خالين من الآلام المزمنة لضمان الاستمرارية وجودة العمل.

 أستاذ طب مهنى: الانحناء المستمر أمام أجهزة الكمبيوتر يؤدى لإخراج العمود الفقرى من موضعه وكشفت الدكتورة د.

لمياء سمير الليثى، الباحث بقسم الطب البيئى والمهنى، فى دراسة عن «الاضطرابات العضلية الهيكلية لدى موظفى المكاتب» أن هذه الاضطرابات، وهى عبارة عن إصابات أو اضطرابات فى العضلات والأعصاب والأوتار والمفاصل والغضاريف وفقرات العمود الفقرى، قد تكون مرتبطة بالعمل وتساهم فيها بيئة العمل وأداء العمل بشكل كبير.

الكتابة بكثرة تعرض صاحبها للإصابة بـ«متلازمة النفق الرسغى» وهى تشمل مجموعة كبيرة من الأمراض من أشهرها «متلازمة النفق الرسغى»، والتهاب الأوتار وإصابات الكتف، وإصابات وخشونة الفقرات العنقية وإجهاد العضلات وإصابات أسفل الظهر.

وأشارت د.

لمياء الليثى، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن، إلى أن هناك عوامل خطورة مُسببة للاضطرابات العضلية الهيكلية بين عمال المكاتب، مثل وضعيات وحركات العمل الخاطئة التى يتخذها العاملون، حيث تبين من خلال الدراسة أن الكثير منهم يؤدون عملهم فى أوضاع خاطئة، مثل ارتفاع الكتف والانحناء المفرط والتواء الرقبة والظهر، كما أن غالباً ما يجلس العديد منهم فى المكاتب على حافة كراسيهم، ما يؤدى إلى نقص دعم الظهر، بالإضافة إلى تكرار المهام ووتيرة العمل وزيادة مهام العمل.

وأوضحت الباحثة فى قسم الطب البيئى والمهنى أن العمل فى المكتب لا يعتبر خطيراً بطبيعته، ولكن الجلوس أمام الكمبيوتر لساعات طويلة خلال اليوم هو الذى يمكن أن يضع ضغطاً على مناطق معينة من الجسم.

وعلى سبيل المثال يمكن أن يؤدى الانحناء أمام الكمبيوتر إلى إخراج العمود الفقرى من موضعه ويزيد من خطر الإصابة بألم الرقبة والظهر.

وأضافت: وكذلك إذا كنت تكتب كثيراً، فأنت معرض بشكل خاص لخطر الإصابة بمشاكل مثل متلازمة النفق الرسغى، التى تحدث عندما ينحصر العصب فى اليد.

ويمكن أن تتطور متلازمة النفق الرسغى نتيجة للحركات المتكررة، مثل الكتابة على الكمبيوتر، موضحة أن النفق الرسغى عبارة عن ممر ضيق فى معصم اليد يحيط بالعصب أثناء تدفقه إلى اليد ويمكن للحركات المتكررة من الكتابة أن تهيج العصب وتسبب التهاباً فى هذه المساحة الصغيرة.

ولفتت إلى أنه توجد علامات تحذيرية لمتلازمة النفق الرسغى مثل الشعور بوخز فى المعصم أو اليد ووخز فى الأصابع وضعف اليد وتنميل فى الساعد والكتف وتورم اليد.

ويمكن اتخاذ خطوات لتجنب متلازمة النفق الرسغى، مثل ضبط الكرسى المريح على الارتفاع والزاوية الصحيحة حتى يبقى العمود الفقرى مستقيماً، والأكتاف مسترخية، والساعدان فى الوضع المناسب للكتابة بدون ألم.

وأيضاً أخذ فترات راحة قصيرة كل ساعة لتمديد اليدين والمعصمين.

وأوضحت الباحثة كذلك أن مشاكل الرقبة تنتج من الوضعية المستمرة لفترة طويلة، حيث إن تثبيت الرقبة فى وضع ثابت لفترة طويلة يزيد من خطر الإصابة بألم الرقبة.

وذلك لأن عضلات الرقبة وأعلى الظهر توفر الثبات للأذرع واليدين والأصابع «المتحركة»، ما يؤدى بدوره إلى توتر العضلات والإجهاد المتكرر.

ويعتبر موظفو المكاتب، وفقاً للدكتورة لمياء سمير، من الفئات المعرضة بشكل كبير لأمراض خشونة الرقبة ومتلازمة النفق الرسغى، وغالباً ما يشتكون من الأوجاع والألم والتعب وعدم الراحة المستمرة أو الضعف أو العجز أو الألم فى المفاصل أو العضلات أو الأوتار، مما قد يسبب تأثيراً سلبياً على صحتهم وإنتاجيتهم.

ولمواجهة مثل هذه الأمراض المهنية، أوصت د.

لمياء سمير الليثى باللجوء إلى الطرق التكميلية والبديلة فى العلاج، مثل الوخز بالإبر، والوخز بالليزر، واليوجا، والتدليك، وغيرها، مشيرة إلى أن هذه الطرق تعتبر مفضلة عن العلاج الدوائى، وذلك بسبب طول مدة الألم المزمن ومضاعفات الأدوية وانخفاض الاستجابة فى بعض الأحيان للعلاج الدوائى.

يجب التوعية بطرق الجلوس الصحيحة وممارسة التمرينات وتقوية العضلات حتى ولو بالمشى لحماية العظام والعمود الفقرى كما أوصت الباحثة بعمل تمرينات بصفة دورية، مؤكدة أن تقوية العضلات حتى ولو بالمشى من نصف إلى ساعة يومياً، والسباحة، من شأنها أن تحمى العظام عموماً، ومنها العمود الفقرى، كما أوصت كذلك بالاهتمام ببرامج التوعية بطرق الجلوس الصحيحة، التى تشمل أن يكون مستوى النظر على الجزء العلوى للشاشة، والظهر والفخذان يجب أن يكونا على المقعد بشكل كامل ومريح، كما يجب أن يكون وضع الفخذ مع الساق أثناء الجلوس من 90 إلى 110 درجات.

وبالنسبة للأكتاف يجب أن تكون بوضع مريح، والكوعين ملاصقين للجسم، والساعدين على مسند الكرسى بشكل موازٍ للأرض، واستخدام مسند لدعم منطقة أسفل الظهر، على أن يكون مسند الظهر موضوعاً بزاوية 105 درجات من المقعد.

مصر      |      المصدر: الوطن نيوز    (منذ: 2 أسابيع | 5 قراءة)
.