محللون: «الاحتياطي الفيدرالي» مستمر في «خنق» الاقتصاد العالمي المثقل بالديون

محللون: «الاحتياطي الفيدرالي» مستمر في «خنق» الاقتصاد العالمي المثقل بالديون

الاقتصاد العالمي.

.

لا أحد يتوقع على وجه اليقين موعد بدء خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة المتوقع أن يعكس أثره استقرارًا للاقتصاد العالمي، بعدما بائت محاولات السيطرة المتوقعة على «غول التضخم الأمريكي» بالفشل، قد يكون ما سبق إجابة- غير قاطعة- على تساؤلات كثيرين من نوعية متى تنخفض أسعار الفائدة الأمريكية؟ خصوصًا بعد تصريحات أدلى بها مسؤولو المركزي الأمريكي اليومين الماضيين حيال الاستمرار في ارتفاع وتيرة سعر الفائدة حتى تحقيق هدف معدل التضخم عند 2%.

ويقول هيني دي كليرك المحلل في ترينسي وان «بي تي واي» للخدمات المالية والاستشارات الاقتصادية: بعد أن أصبح من الواضح أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يبدأ في تشديد سياسته النقدية، بدأت الأسواق بالفعل في التساؤل عن مستوى أسعار الفائدة الذي قد يبدأ في خنق الاقتصاد العالمي المثقل بالديون، يميل السوق إلى إيلاء الكثير من الاهتمام فقط لرقم التضخم الرئيسي، لكن السياسة النقدية أكثر تعقيدًا من ذلك، وفي حالة بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن عليه ضمان الاستقرار المالي في عالم مليء بفقاعات الأصول منذ بدأ جرينسبان وغيره من البنوك المركزية في إنقاذ الأسواق المالية بعد انهيار عام 1987، إذ تتوقع الأسواق دائماً أن تقوم البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة بإنقاذ النظام المالي أثناء أوقات الضائقة المالية.

ففي الأعوام الثلاثين إلى الأربعين الماضية، كان التضخم الاستهلاكي في اتجاه هبوطي، وكان من الممكن دائما أن تضيف البنوك المركزية السيولة لإنقاذ الاقتصاد والأسواق المالية، وفي ظل الضغوط التضخمية الحالية الناجمة عن قضايا العرض المعروفة، سيكون الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة للبنوك المركزية لدعم الأسواق المالية إذا كان هناك تصحيح كبير.

هبوط الفائدة؟يتساءل البعض لماذا يتنفس الاقتصاد العالمي الصعداء بهبوط الفائدة؟ لأن الولايات المتحدة هي أكبر اقتصاد في العالم وهو متشابك المصالح مع معظم الاقتصادات، وبالتالي فإن أية قرارات اقتصادية مهمة لها آثار فورية على اقتصادات الدول، لذلك يمكننا القول بأن تفسير وأسباب اتجاه الأنظار في العالم إلى اجتماعات «الاحتياطي الفيدرالي»، يعود لكونه اللاعب الرئيسي في الاقتصاد العالمي نتيجة القرارات الصادرة عنه.

وفقًا لتقرير نشرته «الشرق الأوسط»، فإن التوقعات حيال «الاحتياطي الفيدرالي» شديدة التباين، «جيه بي مورغان» و«غولدمان ساكس» يتوقعان الخفض الأول في يوليو، في حين يراهن «ويلز فارغو» على خفض في سبتمبر، بينما لا يتوقع «بنك أوف أميركا» الخفض الأول قبل ديسمبر.

ووسط هذا وذاك، بعض صنّاع السياسة النقدية في مصرف الاحتياطي الفيدرالي يصرحون حول إمكانية رفع أسعار الفائدة، بدلاً من خفضها.

مؤدى ذلك يأخذنا إلى أن لا أحد من المحلليين يستطيع حالياً أن يخمّن متى يبدأ «الاحتياطي الفيدرالي» الأمريكي في خفض أسعار الفائدة هذا العام، هذا إن أقدم على ذلك، في وقت تكثر التكهنات بأن المصرف المركزي الأوروبي ومصارف مركزية أخرى قد تضغط على الزناد إيذاناً ببدء الخفض قريباً والمرجح في يونيو، حتى إن بعضها بدأ مسار التيسير النقدي كالمصرفين المركزيين السويسري والسويدي.

في حين انضم بنك اليابان متأخراً إلى حفل رافعي أسعار الفائدة بعدما انسحبت منه البنوك المركزية الأخرى، ويُتوقع أن يعتمد مسار التشدد النقدي ويرفع الفائدة في 2024 بعد إنهائه مستواها السلبي في مارس الماضي.

تقول الخبيرة في الاقتصاد والسياسات العامة هزار كركلا.

«إنه لغز لا يمكن لأحد أن يفك شيفرته، إلا أن وقعه كبير على الاقتصاد العالمي»، مضيفة: من الواضح أن هناك حالة كبيرة من عدم اليقين تخيم على آفاق الاقتصاد العالمي، وذلك لأسباب عدة: أبرزها تعدد التكهنات لجهة توقيت بدء (الاحتياطي الفيدرالي) في خفض أسعار الفائدة هذا العام.

انعكاسات رفع الفائدة على الاقتصادات العالميةوتابعت، «فترة مطولة من التشديد النقدي ستكون لها تداعياتها على الاقتصاد العالمي وعبر قنوات عدة، مع تفاوت واختلاف هذه التداعيات من دولة لأخرى.

أولاً: ستتأثر الحركة الاقتصادية بسبب تراجع الطلب على السلع والخدمات من جهة المستهلك ومؤسسات الأعمال على حد سواء نتيجة ارتفاع تكلفة الاقتراض.

ثانياً: سترتفع تكلفة إعادة تمويل الديون السيادية التي تستحق قريباً، مما سيشكل عامل ضغط على الموازنات العامة ويقلص الفسحة المالية المتوفرة لدى العديد من الدول لتمويل مشاريع تنموية، بما فيها برامج الحماية الاجتماعية والطاقة المتجددة وتطوير البنية التحتية.

ثالثا: سينعكس ارتفاع تكلفة إعادة تمويل ديون الشركات التي تستحق قريباً، سلباً على ربحية هذه الشركات وأسعار الأصول المرتبطة بها، إضافة إلى قدرتها على توسيع أعمالها وخلق فرص عمل جديدة.

رابعًا: إن ارتفاع أسعار الفائدة في السنوات الماضية أظهر مكامن الضعف في بعض المصارف التي تستثمر في السندات والأوراق المالية، إذ تخسر من قيمتها عندما ترتفع الفائدة.

وبالتالي فإن هذه المخاطر، بالإضافة إلى احتمال تزايد حالات التوقف عن سداد القروض الشخصية والتجارية- بما فيها قروض الإسكان وأسواق الرهن العقاري- من شأنه أن يعرض المصارف العالمية لضغوط مرتفعة.

في مارس الماضي توقع «الاحتياطي الفيدرالي» تخفيضات بمقدار ثلاثة أرباع نقطة بحلول نهاية هذا العام، ولكن مع مرور الوقت، بات الأمر أقل يقيناً.

ورغم ذلك، لا يرجح رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول أن تكون الخطوة التالية لسعر الفائدة هي الرفع.

مع العلم أن الثقة بباول وبمواقفه هي في أدنى مستوياتها التاريخية.

فهو يكافح للتخلص من لقب اعتباره رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأقل تصنيفاً منذ ما يقرب من ربع قرن، مع استمرار التضخم وارتفاع الأسعار، مما يثير غضب المستهلكين الأمريكيين، وفقاً لاستطلاع جديد أجرته مؤسسة «غالوب».

ويعود هذا الأمر إلى أن باول وزملاءه في المصرف المركزي كانوا بطيئين في الاستجابة للتضخم.

الاحتياطي زاد معدل الفائدة 11 مرة في 16 شهراوفي آخر عامين، قررت البنوك المركزية أن ترفع معدلات الفائدة لمكافحة التضخم المرتفع بفعل عوامل عدة أبرزها الحرب الروسية- الأوكرانية.

وقام «الاحتياطي الفيدرالي» من جهته برفع المعدل 11 مرة بين مارس 2022 ويوليو 2023، حين قرر تثبيت الفائدة عند أعلى مستوياتها منذ 23 عاماً عند 5.

25% و5.

50%.

ورغم التراجع التدريجي لمعدل التضخم خلال الفترة الماضية، فإن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التابعة لـ«الاحتياطي الفيدرالي» أشارت إلى أنها تريد المزيد من البيانات الإيجابية قبل «الضغط على الزناد» إيذاناً ببدء عملية الخفض.

وفي اجتماع الأول من مايو الجاري، قال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إنهم بحاجة إلى ما يكفي من الثقة بأن التضخم تحت السيطرة قبل خفض تكاليف الاقتراض، لكن أحدث الأرقام تظهر «عدم إحراز المزيد من التقدم»، وفقاً لأحدث بيان للسياسة النقدية.

تحركات المركزي الأوروبيوفرمّل التضخم الأمريكي تباطؤه معاودا ارتفاعه في الشهرين الأخيرين، حيث إنه بلغ 3.

5% في مارس بعد ارتفاعه 3.

2% في فبراير، وذلك بعدما كان بلغ في يونيو 2022 ذروة لم يشهدها منذ أوائل الثمانينات هي 9.

1%.

في المقابل، ارتفع عدد الأمريكيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانة البطالة الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى في أكثر من ثمانية أشهر، مما يقدم أدلة على أن سوق العمل تتباطأ بشكل مطرد، ويمكن أن يجدد ذلك الآمال بأكثر من خفض واحد لهذا العام، لكن يبدو أن هناك بعض التوتر في هذا الشأن داخل البيت الأوروبي.

تأثير خفض الفائدة على اليورويرى مراقبون أن خطوة المركزي الأوروبي لها تبعاتها على قوة اليورو.

وبحسب دانيال لاكال، وهو كبير الاقتصاديين في «تريسيس جستشن» لشبكة «سي إن بي سي»، فإن «المصرف المركزي الأوروبي يعتبر قوة عملته أمراً مفروغاً منه، وإذا ما بدأ في خفض أسعار الفائدة قبل (الاحتياطي الفيدرالي)، فهذا يعطي العالم إشارة إلى أن اليورو بحاجة إلى أن يضعف.

وإذا ضعف اليورو، سترتفع فاتورة الواردات في منطقة اليورو، مما يزيد من صعوبة نموها».

تشير التوقعات إلى أن بنك إنجلترا يتجه صوب خفض أسعار الفائدة في يونيو بعدما كان أبقى في اجتماعه يوم الخميس أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 16 عاماً عند 5.

25%، وأعرب محافظ البنك أندرو بيلي عن تفاؤله بالقول: «متفائل بأن الأمور تتحرك في الاتجاه الصحيح»، متوقعاً أن ينخفض التضخم بالقرب من المستوى المستهدف في الشهرين المقبلين.

وهو يمهد الطريق بتصريحه لخفض أسعار الفائدة قريباً.

وبحسب بيلي، فإن خفض سعر الفائدة في يونيو «ليس مستبعداً أو مخططاً له»، إذ يرى المتداولون فرصة بنسبة 50% للخفض الشهر المقبل.

ولوحظ أنه خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس، صوّت نائب المحافظ لصالح الخفض.

وتعد الزيادة في عدد أولئك الذين يدعمون خفض أسعار الفائدة في المملكة المتحدة إشارة واضحة إلى أن هناك توازناً متحولاً في اللجنة لصالح التخفيضات.

وقال بيلي إن بنك إنجلترا لا يزال بحاجة إلى رؤية المزيد من الأدلة على أن التضخم الذي بلغ 3.

2% في مارس سيظل منخفضاً قبل خفض أسعار الفائدة.

تحركات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة:◘ سويسرا: قام البنك الوطني السويسري بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 1.

5% في خطوة مفاجئة في مارس، تاركاً الفرنك السويسري خلف الدولار واليورو، إذ يراهن المتداولون على خفض آخر في يونيو.

وارتفع التضخم السويسري إلى 1.

4% في أبريل، لكنه بقي ضمن هدف المصرف المركزي السويسري للشهر الحادي عشر على التوالي.

◘ السويد: خفض المصرف المركزي السويدي أسعار الفائدة على الاقتراض القياسي إلى 3.

75% من 4% يوم الأربعاء، وقال إنه سيخفض المزيد من التخفيضات إذا ظل التضخم معتدلاً.

وقد تباطأت الزيادات في أسعار المستهلك إلى ما يزيد قليلاً عن هدف 2%، إذ تعثر الاقتصاد السويدي تحت ضغط أسعار الفائدة المرتفعة.

وتتلخص المعضلة التالية التي يواجهها المصرف المركزي السويدي في ضعف الإنتاج واحتمال ارتفاع تكاليف الاستيراد من أجل إعادة تأجيج التضخم.

◘ النرويج: تحول البنك المركزي النرويجي إلى موقف أكثر تشدداً في 3 مايو، عندما أبقى أسعار الفائدة عند 4.

50%، وحذر من أنها قد تبقى هناك «لفترة أطول مما كان يعتقد سابقاً».

ويرجع هذا الموقف إلى الاقتصاد القوي والتضخم الأساسي الذي بلغ 4.

5% في آخر مرة، وهو ما يتجاوز بكثير هدفه البالغ 2%.

◘ نيوزيلندا: قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هذا الأسبوع إن التضخم في نيوزيلندا عند 4%، ومن المرجح أن يظل أعلى من هدف مصرف الاحتياطي النيوزيلندي الذي يتراوح بين 1% و3%، إذ تؤدي الهجرة إلى زيادة الطلب المحلي.

ولا يتوقع المستثمرون تخفيضات في أسعار الفائدة حتى أكتوبر أو نوفمبر.

◘ أستراليا: أبقى بنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 12 عاماً عند 4.

35 في المائة يوم الثلاثاء.

ومن غير المتوقع أن تخفض تكاليف الاقتراض هذا العام، إذ يتوقع ارتفاع التضخم وتقوم الحكومة بإعداد الأسر للحصول على إعانات ضريبية اعتباراً من يوليو.

وتسعر أسواق العقود الآجلة فرصة بنسبة 20 في المائة لرفع أسعار الفائدة في أغسطس.

◘ كندا: ارتفع معدل التضخم الكندي إلى 2.

9 في المائة في مارس، ويعزز النمو السكاني الاقتصاد، لكن التفاؤل من محافظ بنك كندا تيف ماكليم بشأن اعتدال ضغوط الأسعار عزز الرهانات على خفض أسعار الفائدة.

ويرى المتداولون فرصة بنسبة 60 في المائة تقريباً لخفض الفائدة في يونيو، ويتوقعون انخفاض تكاليف الاقتراض بحلول يوليو، وفق «رويترز».

◘ أنهى بنك اليابان نظام أسعار الفائدة السلبية الذي استمر ثماني سنوات، في مارس الماضي، في تحول تاريخي بعيداً عن التركيز على إنعاش النمو بحزم تحفيز نقدي ضخمة استمرت عقوداً.

ورغم أن الخطوة هي أول زيادة في أسعار الفائدة في اليابان منذ 17 عاماً، فإنها لا تزال تبقي أسعار الفائدة ثابتة حول الصفر (بين 0% و0.

1%).

اقرأ أيضاً

مصر      |      المصدر: بوابة الأسبوع    (منذ: 3 أسابيع | 2 قراءة)
.