مربيه أحمد محمود: هذه تفاصيل شكايتي ضد الجزائر أمام الأمم المتحدة

ظروف قاسية تلك التي عاشتها ومازالت ساكنة مخيمات تندوف منذ بداية النزاع المفتعل بالصحراء المغربية إلى حدود اليوم؛ فقر وتجويع واحتجاز وتعذيب تمارسه جبهة “البوليساريو” تحت رعاية الجزائر في حق ساكنة هذه المنطقة، التي وجدت نفسها تحت الإكراه أداة في أيدي العسكر الجزائري لتمرير تصورات وأفكار جاهزة لا تمت للواقع بأي صلة.

هذا الواقع المرير والظروف اللاإنسانية التي ظل سكان المخيمات يعيشونها لما يزيد عن أربعة عقود، ونقلتها العديد من الشهادات الحية لمجموعة من الهاربين من “جحيم الرابوني”، بعد تعرضهم لمختلف أنواع التعذيب والاضطهاد بمجرد إعلان معارضتهم للسياسة التي تنتهجها قيادة جبهة “البوليساريو” بمباركة من الجزائر.

وقصد الوقوف على تفاصيل هذه الظروف، أجرت جريدة هسبريس الإلكترونية حوارا مع مربيه أحمد محمود، الناشط الصحراوي الفار من مخيمات “البوليساريو”، والقاطن حاليا بموريتانيا، باعتباره واحدا من الأصوات المعارضة التي تعرضت لمختلف أنواع التعذيب والتنكيل بعد مسار نضالي ضد قيادة “البوليساريو”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ماذا بعد إطلاق سراحك؟ أول خطوة قمت بها بعد إطلاق سراحي كانت انتقالي نحو مقر مفوضية اللاجئين بمخيمات تندوف، وتحميلها مسؤولية ما وقع لي بسجن الرشيد بتواطؤ بين العصابة والمخابرات الجزائرية، وأبلغتها أنني سألجأ إلى محكمة العدل الدولية قصد إنصافي بخصوص ما تعرضت له من انتهاكات حقوقية وإنسانية جسيمة، مرفوقة بتقصير وصمت غير مسؤول من مصالح المفوضية التي أضحى مكتبها بمثابة ملحقة تابعة للجزائر.

وللحديث عن عدم قيام بعض الأجهزة الأممية بمهامها بوجه كامل فمازلت أتذكر الاعتداء الذي تعرضت له أمام كريستوف روس بعد زيارته المخيمات سنة 2013، رفقة زميل لي، بعدما كنا بصدد محاولة التحدث معه ومنعتنا العصابة من ذلك…وأنا أركض قصد مده برسالة مكتوبة كادت تدهسني السيارة التي كانت تقله، وبعدها أوقفتني عناصر درك العصابة وقامت بضربي وسحلي أمام أعين المبعوث الأممي، وهو الاعتداء نفسه الذي طال زميلي وصديقي مولاي بوزيد، المعارض للعصابة… قبل رمينا داخل سيارة الدرك أمام أعين المسؤول ذاته والتوجه بنا نحو مخيم السمارة، الذي كان مسرحا لإكمال مسلسل الاعتداء الجسدي والنفسي الممارس علينا.

بماذا انتهى الاحتجاج؟ احتجاجي على مفوضية اللاجئين انتهى بتكليف موظفة تابعة لها بمهمة الاستماع إلي بخصوص تفاصيل ما لحقني من اختطاف وتعذيب، وفعلا هذا ما تم، وقامت بإعداد تقرير شامل وأرسلته على الفور إلى الأمم المتحدة بنيويورك.

وبعد مرور أسبوع على إطلاق سراحي سافرت نحو موريتانيا، ومن ثم بدأت رحلتي مع الإعلام الدولي لسرد تفاصيل قضيتي… استقراري في موريتانيا كان مناسبة بالنسبة لي سنة 2015 لأقوم بزيارة إلى العاصمة المغربية الرباط، حيث وقفت على الحقيقة بمجرد أن وطأت قدماي المدينة التي وجدتها أنها مغايرة تماما لما كان يحكى لي عن المغرب منذ صغري، وكونه عدوا وغير ذلك… فقد قوبلت بترحيب كبير من طرف إخواني المغاربة باختلاف أجناسهم وأعمارهم.

ما هي تفاصيل الشكوى التي رفعتها ضد الجزائر أمام الأمم المتحدة؟.

رفعت شكاية للأمم المتحدة ضد الجزائر سنة 2015 مرفوقة بجميع التفاصيل الدقيقة حول قضيتي التي لقيت صدى كبيرا لدى الرأي العام الدوليٍ.

وكرد فعل على التفاعل الإيجابي للأمم المتحدة بدأت الجزائر تتملص من المسؤولية، مستعينة بالخطأ في كتابة اسمي الذي ارتكبته منظمة الكرامة في بيان سابق صادر عنها بخصوص قضيتي، وهو الخطأ الذي استغلته الجزائر والبوليساريو لدحض التهم الموجهة إليهما والتهرب من مسؤوليتهما في ما اقترفاه في حقي من انتهاكات حقوقية جسيمة.

وأخذت شكايتي هاته مجراها القانوني بعد مدة طويلة امتدت من سنة 2015 إلى حدود شهر يونيو 2022، ومرت من عدة مراحل أساسية أهمها سنة 2017 التي عرفت تصحيح الخطأ الوارد في اسمي، وهي الخطوة التي تكللت باعتراف الجزائر باعتقالي وتسليمي للبوليساريو.

ومن أجل ذلك حملت الأمم المتحدة المسؤولية للجزائر وطالبتها بتعويضي ومحاسبة الجناة، مستدلة في قرارها بكون البوليساريو غير معترف بها كدولة قائمة بذاتها، وهو ما لم ترفضه الجزائر في الجانب المتعلق بالتعويض، في حين قالت عن الجناة إنهم يقبعون حاليا في السجن.

لقد تمت إدانة الجزائر أمام أعين السفير الجزائري وبحضور عمر هلال، الممثل الدائم للمغرب بالأمم المتحدة، الذي كان يحمل صورتي ويحاجج بها السفير الجزائري بخصوص ما تعرضت له من اختطاف وتعذيب باعتباره دليلا قاطعا على الانتهاكات الحقوقية التي تجري على التراب الجزائري.

ماذا كان شعورك حينها؟ بالنسبة لي أعتبر انتصاري هذا بابا فتحه الله تعالى للصحراويين قصد المرافعة أمام المحاكم الدولية ورفع شكايات ضد انتهاكات العصابة المجرمة لجنرالات عسكر الجزائر وبيدقها عصابة الرابوني، كما أنني عازم على الاستمرار في فضح العصابة إلى أن يشاء الله وتعود عائلاتنا بالمخيمات للعيش في ترابها إلى جانب إخوانها المغاربة، تحت قيادة الملك محمد السادس بالمملكة الشريفة من طنجة إلى الكويرة.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 سنوات | 63 قراءة)
.