حماة المال العام: نحترم المقتضيات القانونية .. وممارسة الابتزاز مرفوضة

لم تكن مداخلة عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، ضمن اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، لتمر دون أن تخلف صدى لدى الفعاليات المدنية المشتغلة في مجال حماية المال العام، حيث جددت رفضها لما أسمته “التضييق على نشاط حماة المال العام” مؤكدة تشبثها بـ”تقديم الشكايات وحماية الثروة العامة من المتربصين بها”.

وهبي، الذي كان يتحدث ضمن الاجتماع الذي خصص لمناقشة مشروع المسطرة المدنية، الثلاثاء الماضي، تطرق بنوع من عدم الارتياح لموضوع تقديم الشكايات، معتبرا أنها “تناسلت بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة”، داعيا إلى الحد من “الإسهال بخصوص تقديمها”.

ولفت المسؤول الحكومي الانتباه إلى أن “هنالك عدم تفريق لدى المواطنين بين النيابة العامة ووزارة العدل”، متسائلا في الآن ذاته عن “الطريقة المثلى لإيقاف هذه الشكايات وترك النيابة العامة والسلطة القضائية تشتغل في الملفات الحقيقة، عوضا عن الملفات الفارغة والشكايات التي لا تسند بأي إثبات”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وفي سياق متصل، اتفق حماة المال العام مع الوزير في النقطة التي تتعلق بالوشاية الكاذبة وعدم إثبات الشكاية، معتبرين أن “الجمعيات النشيطة في هذا المجال يجب أن يطالها القانون، إن كانت تمارس الابتزاز”؛ غير أنهم عادوا ليؤكدوا “انطلاقهم من معطيات حقيقية وموثوقة ولا مصلحة لديهم في ابتزاز أي كان”.

في هذا الصدد، قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إنه “في الأصل يجب أن يتم توجيه الشكايات إلى النيابة العامة لكونها هي المسؤولة عنها؛ في حين ليس للوزير علاقة بها”، مؤكدا أن جمعيته “تراسل النيابة العامة، وليس الوزارة؛ بالنظر إلى أن مخالفة القانون الجنائي تبتّ فيها هذه الهيئة”.

وأوضح الغلوسي، في تصريح لهسبريس، أن “حماة المال العام كانوا ينتظرون من الوزير التوجه نحو الرفع من العقوبات التي تخص الإثراء غير المشروع وعدم التصريح بالممتلكات، في وقت طرأ العكس وجرى التوجه نحو رفع الوشاية الكاذبة من جنحة إلى جناية؛ الأمر الذي نلمس فيه رغبة في تكميم الأفواه، والدفاع عن المشتبه فيهم في قضايا الفساد التي تعرقل التنمية وتهدد استفادة المجتمع من حقوقه كاملة”.

وبيّن المتحدث ذاته “عدم وجود مشكل شخصي مع وزير العدل، فقط هنالك خوف من الاصطفاف في صف المخالفين للقانون والمستفيدين من الريع، حيث يظل الاستمرار في هذا المسار نفسه دفْعا نحو الفراغ، في وقت باتت فيه مظاهر الفساد خلال الآونة الأخيرة بادية على المشهد السياسي والحزبي”، مبرزا أن “الجمعيات النشيطة في حماية المال العام تظل شريكا في مكافحة الريع والفساد وتدبير الشأن الوطني، وذلك بإقرار دولي”.

وفيما يخص موضوع الوشايات الكاذبة، دعا الغلوسي الوزيرَ إلى “تقديم إحصائيات تبين بشكل مفصل الشكايات التي تتوفر على وقائع غير صحيحة ومعطيات كاذبة والشكايات التي جرى حفظها من قبل القضاء”، لافتا إلى أن “أية جمعية تمارس الابتزاز في حق أي كان يجب أن يتم إشهار القانون في وجهها، والقضاء سيدعم المتضرر من الابتزاز”، وخالصا إلى “ضرورة وجود مجتمع حي ومنظم يؤدي الأدوار المنوطة به ضدا في الفساد”.

من جهته، أفاد عبد الإله طاطوش، رئيس “الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية المال العام”، بأن “تصريحات المسؤول ذاته تتنافر مع المقتضيات الدستورية التي تهم تخليق الحياة العامة ودعم أدوار المجتمع المدني في مواكبة تدبير الشأن العام الوطني والتنبيه إلى كل تشويه يمس الحياة السياسية في علاقتها بالمال العام”.

وأكد طاطوش، في تصريح لهسبريس، أن التصريحات المذكورة “تؤثر على دور النيابة العامة في تحريك الشكايات والمتابعات القضائية في حق أفراد معينين، بعد التوصل بمعطيات صحيحة تثبت وجوب ذلك”، لافتا في الآن نفسه إلى أن “جمعيات حماية المال العام لديها سوابق في الكشف عن قضايا فساد مهمة كانت مهددة للمصلحة العمومية”.

وتابع المتحدث: “رغم كل هذا نظل متشبثين بالتقدم بالشكايات إلى السلطات المعنية في كل وقت توفرنا فيه على معطيات صحيحة وموثوقة تثبت وجود تلاعب في تدبير الشأن والمال العامين؛ على اعتبار أن المال العام يظل خطا أحمر لا يمكن القبول بالمساس به من أي كان، بغض النظر عن انتمائه السياسي”.

وشدد رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وحماية المال العام على أن “الجمعيات النشيطة في هذا المجال لا تخرق القانون أو تشتغل خارجه، بل هي هيئات قانونية استلمت وصولات اشتغالها من لدن وزارة الداخلية وتنطبق عليها القوانين الوطنية”، معتبرا أنه “من غير المنطقي وجود تدبير سياسي دون وجود مراقبين للأموال العمومية وطرق تدبيرها وصرفها”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أشهر | 2 قراءة)
.