المناظرة الإعلامية.. تمرين ديمقراطي ينجي الأحزاب السياسية من "الموت السريري"

يسعى فاعلون في السياسة المغربية لاستثمار كلّ ما يتيحه “صندوق الديمقراطية”، و”ينجي العمل السياسي بالبلد من مرحلة الموت السريري” كما يشخّصه متتبعون.

ولعلّ التصور بدا واضحا هذه المرة في دعوة رشيد أفيلال العلمي الإدريسي، الذي ترشّح لمنافسة نزار بركة على منصب الأمين العام لحزب الاستقلال، إلى “مناظرة إعلامية أمام المنابر الصحافية المكتوبة والسمعية البصرية لمناقشة مستقبل الحزب”.

وقال رشيد أفيلال العلمي، عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال، في تصريح صحافي، إن “إجراء مناظرة إعلاميّة يعتبر تمريناً ديمقراطيّا غير مسبوق ودرسا في الديمقراطية الداخلية من شأنه أن يبعث دينامية جديدة في المشهد السياسي، بما يضمن انخراط المواطنين، خاصة الشباب منهم، في العملية السياسية ويعيد لديهم الثقة فيها”.

ورغم أن التّحليلات تستبعد إجراء هذه المناظرة فعليّا، وتقلل من مفعولها الموضوعي في السّياق الحزبي المغربي المتسم بقواعد “غير ديمقراطية”، إلا أن “القراءات تنتصر لفتح هذا الباب أمام الممارسة المغربية وتأهيلها بأفكار جديدة يمكن أن تنقل المشهد السياسي إلى منطقة تحظى بتقدير أكبر، أمام تنامي أجواء الإحباط وغياب الثقة لدى المواطنين، حسب ما تسير وفقه حتى البيانات الرسمية”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} تجارب مطلوبة عبد الرحيم العلام، أكاديمي أستاذ جامعي، لم ينكر أن فكرة المناظرة “مهمة وأساسية لخلق خطاب سياسي جديد مبني على الأفكار والتصورات والتدافع”، منبها إلى أن “صعوبة الوضع في التربة السياسية المغربية التي هي في الأصل غير قادرة على استيعاب آليات جديدة من قبيل المناظرة، بسبب قيام العمل الحزبي على الأتباع والولاءات والقبلية والنزعات العرقية والنفوذ المالي”.

ووضّح العلام، ضمن تعليق أدلى به لهسبريس، أن “استلهام تجربة المناظرة سيخرج الفعل العمومي من دائرة الصمت والموت، ولا شكّ في دورها في تقديم خطة جديدة للدينامية السياسية بالمغرب بناء على السعي لخلق تجاذبات قائمة على معطيات وتمنح الفرصة للتحليل والمقارنة”، لكنه عاد ليؤكد أنه “إذا أردنا أن نأخذ المناظرة عن الغرب، لا بد أن نأخذ عنه أيضاً فعل السّياسة”.

وبدا الأكاديمي المغربي عازما على “إحراج العمل الحزبي المغربي” من خلال تقديم مثال الولايات المتحدة الأمريكية حيث للمنتخبين حرية كاملة وتصويت سرّي، في حين إن “هذا المنطق بالمغرب يصطدم بحقيقة وجود سياسية مبنية على التأثير والأنصار وعلى أجهزة حزبية تتحرك في ظل انتفاء السياسة، لأنه حتى لو أقمنا مناظرات ووجدنا فيها ما تشتهي النفس في الحياة السياسية، فالقول النهائي محسوم في جهة أخرى”.

تجارب محافظة عبد الحفيظ اليونسي، أكاديمي وجامعي مغربي، قال: “لقد اتجهنا فعلاً في محطات سياسية هامة نحو العمل بالمناظرة، خصوصا بين فاعلين سياسيين خلال الحملات الانتخابية”، معتبرا أن “هذه العملية بين بركة وأفيلال إذا تمت ستكون مسألة صحية بالنسبة للممارسة السياسية والحزبية في المغرب، وستكون إيجابية من زوايا عدة، منها أننا سنعرف توجه الأمين العام المستقبلي في القضايا المطروحة في الساحة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو القيمية أو غيرها”.

وضمن حديثه لهسبريس، لفت اليونسي إلى دور هذه الآلية في مأسسة التيارات داخل الحزب السياسي الواحد، موردا: “قد سبقتنا إلى هذه التجربة الأحزاب اليسارية، خصوصا اليسار الجديد، بحيث كانت تيارات عدة تقدم أوراقا سياسية تجيب فيها عن مواقف مختلفة، لكن ما كان ينقص هذه التجربة أنها لم ترق قطّ إلى مناظرة أمام العموم، بل كانت نقاشات تُدارُ داخل مؤتمرات الحزب”.

وعدّ الأكاديمي سالف الذكر فكرة المناظرة بين شخصين يستعدان للتنافس على منصب الأمانة العامة لتنظيم سياسي، “تجربة جديدة ستمنح الخيار للمؤتمرين لانتقاء القيادة بناء على قناعات”، وسجّل أن “الرأي العام بدوره سيستطيع متابعة نقاش خاص بمؤتمر لحزب وطني كبير مثل حزب الاستقلال، وهذا من شأنه بث نفس جديد في الأحزاب السياسية وإعادة الثّقة إلى ممارستها، رغم أن الممارسة الحزبية في المغرب محافظة ولا تبحث عن آليات جديدة”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.