قوانين "حارقة" تتصدر أجندة البرلمان في النصف الثاني من الولاية التشريعية

بعد تجديد هياكل مجلس النواب والفرق النيابية في نصف الولاية التشريعية الجارية، تتجه الأنظار صوب الأجندة التشريعية التي تطرح نفسها بقوة على الغرفة الأولى وسط توقعات بنقاش ساخن في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان حول مشاريع القوانين التي تحظى بمتابعة واسعة من قبل المجتمع المغربي ومكوناته المختلفة.

وتتصدر المشهد مجموعة من مشاريع القوانين التي تملأ ساحة النقاش السياسي والعمومي في البلاد؛ من أبرزها مشروع قانون المسطرة المدنية الذي باشرت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب مناقشة تفاصيله، بالإضافة إلى مشروع القانون الجنائي الذي وعد وزير العدل النواب بإحالته على البرلمان في الأسابيع المقبلة.

كما يتوقع أن يكون النقاش، خلال المرحلة المقبلة، ساخنا في البرلمان بين النواب المحافظين والحداثيين حول مدونة الأسرة التي يرتقب أن تدخل عليها الحكومة بتوجيهات من الملك محمد السادس مجموعة من التعديلات، ستكون بلا شك محط خلاف بين النواب، خصوصا أن وهبي استبق الأمر بدعوته النواب الحداثيين إلى الاستعداد والتأهب لتمرير مشروع هذه المدونة في أقرب وقت ممكن.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} في تعليقه حول الموضوع، قال عبد الحفيظ اليونسي، الأكاديمي والمحلل السياسي أن أول تحدٍّ يواجه المؤسسة التشريعية خلال هذه المرحلة هو “العمل على استعادة الثقة في المؤسسة التشريعية وهي ثقة مرتبطة بقيام مجلسي البرلمان بأدوارهما الدستورية في إطار مبدأ فصل السلط وتعاونها وتوازنها”.

وأكد اليونسي، في تصريح لهسبريس، على أهمية “تصحيح أخطاء العمل البرلماني عموما والتشريعي خصوصا، التي كانت في النصف الأول من الولاية التشريعية الحالية”، معتبرا أن العمل التشريعي يبقى “أبرز وظيفة دستورية للبرلمان، وهي وظيفة مهمة في كسب الرهانات والتحديات الآنية والمستقبلية لبلادنا”.

وأبرز الأستاذ بجامعة الحسن الأول بسطات أن الاطلاع على الأجندة التشريعية المقررة والمتوقعة فيما تبقى من هذه الولاية التشريعية الجارية يتضح “أننا أمام أجندة مهمة سترهن مستقبل البلاد، سواء ما تعلق بقضايا الأسرة أو نصوص لها تأثير على الحياة الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا”.

وشدد اليونسي على أن إعلاء المصلحة الوطنية والحرص على الصناعة التشريعية الجيدة والحد الأدنى من التوافق كلها “عوامل ستساعد البرلمان على النجاح في مهمته”، لافتا إلى أن طبيعة النصوص التي ستعرض على البرلمان في كل الأنظمة السياسية تكون محل “جدال حاد ونقاش مجتمعي غالبا ما يقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض”.

واستدرك اليونسي قائلا: “لكن في الأنظمة الديمقراطية ينتظم في النهاية في إطار الإرادة العامة المعبر عنها في البرلمان عبر آلية التصويت”، معتبرا أنه بالنظر إلى مخرجات العملية السياسية والانتخابية ما بعد 8 شتنبر يتبين أن الأمر “لن يكون بهذه البساطة، وهناك عوامل كثيرة تتدخل في مسار صناعة القرار التشريعي في بلادنا؛ وهي عوامل تجعل المُخرج التشريعي فيه الحد الأدنى من التوافق”، حسب تعبيره.

من جهته، قال محمد يحيا، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، إن أجندة الدورة الربيعية للبرلمان تحمل “مجموعة من الملفات المهمة، التي لم يحدث أي توافق بشأنها إلى حدود الساعة؛ على غرار القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب، ومدونة الأسرة التي أسالت الكثير من المداد وتستحوذ على حيز مهم من النقاش العمومي”.

وأضاف يحيا، في تصريح لهسبريس، موضحا أن ملف “تعديل مقتضيات القانون الجنائي وقانون المسطرة المدنية كلها ملفات حارقة، إلى درجة أنها خلقت انقسامات عميقة، ليس فقط بين المعارضة والأغلبية الحكومية، بل داخل هذه الأخيرة نفسها”.

وأشار المتحدث ذاته إلى مسألة أخرى ذات أهمية استراتيجية كبرى لارتباطها بالمؤسسات وثقة المواطنين في هذه الأخيرة؛ وهي مسألة “تخليق الحياة البرلمانية وتسريع إخراج مدونة الأخلاق والسلوك بناء على التوجيهات الملكية في هذا الصدد”، مسجلا أن “المتابعات القضائية الأخيرة في حق عدد من البرلمانيين قد تعجل بإخراج هذه المدونة إلى الوجود لارتباط الأمر بصورة المؤسسة التشريعية”.

وتابع يحيا أن “المطالب القطاعية والزيادات في الأجور وكذا ارتفاع الأسعار ومعالجة مختلف المشاكل الاقتصادية، على غرار ارتفاع نسبة التضخم والبطالة، وإصلاح منظومة التربية والتكوين كلها ملفات “تنتظر الحكومة في الدخول السياسي المقبل، دون أن ننسى مشكل الجفاف وندرة المياه الذي بات إشكالية كبيرة ويحظى بالعناية والتتبع على أعلى المستويات”.

ولفت الأستاذ الجامعي ذاته إلى أن التعديل الحكومي المرتقب يفرض “نقاشا حادا داخل الأغلبية الحكومية، سينضاف إلى جملة الملفات والقضايا الأخرى التي تنتظر معالجتها من طرف الحكومة خلال النصف المتبقي من الولاية الحالية”، حسب رأيه.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.