تقرير يستعرض استراتيجية الصين لاختراق الفضاء الإعلامي في القارة الإفريقية

استعرض تقرير حديث الاستراتيجية التي تعتمدها الصين لتشكيل الفضاء الإعلامي في القارة الإفريقية، مسجلا أن الحزب الشيوعي الحاكم في هذا البلد الآسيوي “يستفيد من تمويله لوسائل الإعلام في إفريقيا وتدريب الصحافيين الأفارقة لتعزيز السرديات والسياسيات والأعراف الصينية في القارة”، إذ يُشكل الارتفاع الكبير في الاستثمارات الصينية في الفضاء الإعلامي الإفريقي جزءا من استراتيجية يتبناها هذا الحزب لتنمية نفوذه في إفريقيا من خلال تشكيل بيئة معلومات خاصة به.

وأوضح التقرير الصادر عن “المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية”، أن “دمج وسائل إعلام الحزب الشيوعي الصيني في النظم الإعلامية الإفريقية يهدد بتشويه مساحات المعلومات في إفريقيا، وبالتالي تقويض الوصول إلى المعلومات المستقلة التي تشكل النقاش العام حول القضايا التي تهم المواطنين”، متوقعا أن “تقدم الكيانات الإعلامية المدعومة من بكين تقارير إيجابية عن أنظمة الحكم المحلية من خلال تضخيم مشاريعها ورواياتها السياسية، إذ تفعل الشيء نفسه بالنسبة للاستثمارات الصينية بغض النظر عن المخاوف المحلية التي تنشأ بشأنها بشكل متكرر”.

وسجل المصدر عينه أن الصين تستخدم مجموعة من الأدوات لمواصلة دمج نفسها في أنظمة الإعلام الإفريقية، موردا على سبيل المثال أن “المركز الإعلامي الصيني الإفريقي يقوم بتعيين الصحافيين الأفارقة في وسائل الإعلام الصينية في مهام مدتها 10 أشهر، حيث يعملون في غرف الأخبار ويقدمون تقارير عن أنشطة الحزب الحاكم”، كما تدعم الحكومة في بكين العديد من الكيانات الإعلامية في القارة مقابل تلميع صورة الصين، فيما تقوم إدارة الدعاية في الحزب الحاكم بشراء حصص في شركات إعلامية رائدة.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} في المقابل، ورغم هذه الاستراتيجية الصينية، إلا أن استطلاعات الرأي تؤكد أن الأفارقة غير مقتنعين بنموذج الحزب الشيوعي الصيني في الحكم، الذي يكرس لهيمنة الحزب الواحد على السلطة، إذ يفضل 71 في المائة منهم النموذج الديمقراطي، وذلك على الرغم من أن شعبية الصين في إفريقيا لا تزال مرتفعة، إلا أنها لم تؤد بأي حال من الأحوال إلى إضعاف الطلب القوي على الديمقراطية.

في سياق مماثل، سجل “المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية” أن الصين تضع الحرب المعرفية وحرب المعلومات على قدم المساواة مع الحروب الأخرى التي تخوضها، على غرار الحرب الاقتصادية، إذ ينعقد المؤتمر الوطني للحزب الحاكم في هذا البلد بانتظام كل خمس سنوات ويصدر قرارات لتعزيز اتصالات الصين على المستوى الدولي من أجل زيادة الجاذبية العالمية للبلاد ولثقافتها، وبناء خطاب موجه للعالم الخارجي.

وبين المركز أن هذه الجهود الصينية لتشكيل وسائل الإعلام في إفريقيا، هي “جزء من حملة أوسع للسيطرة على تدفق المعلومات من خلال العديد من الاستراتيجيات والأساليب، بما في ذلك أسلوب التضليل والتأثير، حيث يتم دمج هذه الأساليب مع بعضها بعض لتحريف النظم البيئية للمعلومات في القارة عبر وسائط متعددة”.

وأعطى المثال بهذا الخصوص بكون “الدبلوماسيين الصينيين في إفريقيا يقومون بمشاركة منشورات لوسائل إعلام صينية على حاسباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ليتم تضخيمها من خلال جيش من الحسابات المزيفة التي تساعد على زيادة انتشارها”.

ووقف “المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية” على أن “فعالية الرسائل الصينية ما تزال محدودة رغم استثمارات الحزب الشيوعي الصيني في الفضاء الإعلامي الإفريقي؛ فرغم التعرض المكثف لوسائل الإعلام الصينية، إلا أن الغالبية العظمى من الجماهير الإفريقية لا تزال تركز على النهوض بنضالاتها الديمقراطية”، مشددا على “حاجة أصحاب المصلحة الأفارقة لمواصلة حماية استقلالهم الذي حصلوا عليه بشق الأنفس في بيئة وسائل الإعلام، خاصة في سياق التراجع الديمقراطي واندفاع المعلومات المضللة التي ترعاها جهات أجنبية، إذ تحتاج إفريقيا إلى وسائل إعلام قوية وصادقة وموضوعية الآن أكثر من أي وقت مضى”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 4 قراءة)
.