أقدم لحام بوابير بكفر الشيخ: المهنة اندثرت ورفضت تعليمها لأولادي.. صور

أقدم لحام بوابير بكفر الشيخ: المهنة اندثرت ورفضت تعليمها لأولادي.. صور

في زاوية هادئة من سوق كفر الشيخ، يجلس عم عادل، رجل ستينيّ غارق في عمق تجاعيد وجهه حكايات من زمنٍ ولى، يمدّ يديه المتشققّتين فوق شعلة نارٍ تتراقص من فوهة بابور قديم، بينما ينصهر شبشب بلاستيكي تحت أنامله الخشنة، تاركًا وراءه علاماتٍ سوداء تشبه ندوب المعارك، يُقضي عم عادل عشر ساعاتٍ يوميًا جالسًا أمام النار، تحت أشعة الشمس الحارقة أو الرياح العاتية، أو حتى المطر الغزير، لا مأوى له سوى مفرشٍ قديمٍ يحميه من قسوة الطبيعة.

"بشتغل من أيام الصاغ وتلاتة أبيض".

.

هكذا يبدأ عم عادل حكايته لـ"البوابة"، بصوت حزينٌ لكنه صامدٌ، كأنه يقاوم الزمن الذي ابتلع مهنته وأحلامه، فمنذ أكثر من خمسين عامًا، وهو يمارس مهنة لحام بوابير، تلك المهنة التي أوشكت على الاندثار مع ظهور الطباخات الحديثة والبوتاجازات.

يتابع عم عادل قص حكايته، ذاكرًا الأيام الخوالي عندما كان يحمل أدواته على ظهره ملفوفةً في شوالٍ من القماش، ويتجول بين أزقة الأسواق 4 أيام في الأسبوع؛ ويقول كنت باخد صاغ من 50 سنة وتلاتة أبيض وشلن وبريزة، ويبتسم متذكرًا تلك الأيام وبقول "يوووووه أيام كانت فيها المهنة فيها فلوس والقرش كان ليه وضعه".

وبنبره حزينة يقول العم عادل، مات البابور، واندثرت المهنة ولم يعد أحد يستخدمه، باستثناء بعض القلائل الذين يحتفظون به كقطعةٍ من الماضي، رفضت تعليم أبنائي تلك المهنة، لأنها متعبة وشاقة، وتعلمت المهنة من والدي وجدي، وهي تراثٌ عائليٌّ لا يمكنني التخلي عنه.

"ما زال بابور الجاز يُباع في بعض المحلات كأنتيكات".

.

يُشير عم عادل، أن بوابير الجاز تعرض في المحلات كأنتيكات ووصل ثمن الواحد منه لـ 300 جنيه، ووصل ثمن الماكينة الخاصة به لـ 180 جنيه.

 وبصوت يحن لاماضي يقول نفسي حد يجبلي بابور جاز أصلحه لأن صوته وحشاني وكنت بعتبره زي السيمفونية"، ويستكمل؛ لكن للأسف محدش بيستخدمه دلوقتي.

لم يستسلم عم عادل للواقع المُرّ، بل اتّجه إلى مهنٍ أخرى لكي يُؤمّن قوت يومه بالحلال،  فيقول حاليًا أقوم بتصليح أفران الغاز والبوتوجازات والطباخات وأقوم بلحم البلاستيك والألعاب وأبيع الحصالات الصاج التي أصنعها بنفسي.

مصر      |      المصدر: البوابة نيوز    (منذ: 2 أسابيع | 5 قراءة)
.