الجزائر تحاول توريط مالي والنيجر في مناورات عسكرية بمشاركة البوليساريو

شارك وفدان عسكريان من كل من مالي والنيجر، إلى جانب ميليشيا جبهة البوليساريو الانفصالية، في تمرين عسكري احتضنته المدرسة العليا للإدارة العسكرية بالناحية العسكرية الثانية في الجزائر، بعنوان “محاكاة مراحل إسناد المعتمدية في الميدان لفائدة الوحدات المقمحة”، يومي 16 و17 أبريل الجاري، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الوطني الجزائرية.

وأوضح المصدر ذاته أن “هذا التمرين العسكري الذي عرف مشاركة وفود عسكرية أجنبية صديقة ممثلة في الجمهورية العربية الصحراوية ودولة مالي ودولة النيجر، يأتي في إطار تنفيذ النشاطات العسكرية الموجهة للبلدان الإفريقية لسنة 2024″، بتعبير البيان، مسجلا أن “المشاركين في التمرين أبدوا اهتماما بالغا في مجال تبادل الخبرات ضمن ميدان التأمين اللوجستي، لا سيما فيما يتعلق بجانب التأمين بالمعتمدية”.

وتعيد مشاركة باماكو ونيامي في هذا النشاط العسكري، إلى جانب ميليشيا الدولة الوهمية في تندوف، النقاش بشأن المحاولات الجزائرية الحثيثة لتوريط الدول الإفريقية في مستقنع مشروعها الانفصالي الذي جففته الدبلوماسية المغربية في السنوات الأخيرة، خاصة وأن هاتين الدوليتين عبرتا عن رغبتهما في الانخراط في المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب، والتي من شأنها إجهاض الحلم الجزائري الغابر بالحصول على منفذ أطلسي، وتثبيت السيادة المغربية على الصحراء.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} قاعدة خلفية وريادة مغربية البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، قال إن “الجيش الجزائري فقد روحه المهنية بسبب ارتهانه للسلوك التصادمي ومسايرة جنرالات العشرية السوداء في توجهاتهم العدائية”.

وسجل البراق، في تصريح لهسبريس، أن “إقحام ميليشيا البوليساريو الإرهابية للمشاركة في تدريبات مع قوات من مالي والنيجر الهدف منه هو دق إسفين في علاقات المغرب مع دول الجوار، وتهديد خطير للأمن الإقليمي بالسعي لتحويل الصحراء الكبرى في ظل التحديات الكبرى التي تواجها على المستوى الجيو-سياسي إلى قاعدة خلفية لممارسة ميليشيا البوليساريو أنشطتها الإرهابية”.

وأضاف الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر أن “النظام الجزائري اليوم في ظل النجاحات الإقليمية والدولية الكبرى التي يحققها المغرب على المستوى التنموي والسياسي والأمني والديبلوماسي والعسكري، مدعوما بشراكات ثابتة وراسخة، أصبح في ورطة جيو-سياسية كبرى في ظل غياب رؤية استراتيجية واضحة تؤطر تحركاته الإقليمية، وبالتالي فهو اليوم يبحث عن استخدام أي ورقة متاحة أمامه ولو باستخدام مؤسسة الجيش وتدريباتها الروتينية لاستقطاب جيوش من دول الجوار وإقحام عناصر ميليشيا البوليساريو لإجراء تدريبات مشتركة من أجل تحقيق نصر ديبلوماسي وهمي لإيهام الجبهة الداخلية في الجزائرية بقوة الموقف الجزائري إقليميا”.

وشدد البراق على أن “هذه الممارسات الجزائرية المفضوحة تساهم بشكل كبير في إضفاء المزيد من المصداقية على رؤية المملكة المغربية في ظل سياساتها الإفريقية واضحة المعالم المرتكزة على المقاربة التنموية الشاملة التي طرحت حلولا ناجعة ومبتكرة للبحث عن تسويات للأزمات الإقليمية بما يخدم مصالح الشعوب الإفريقية”، لافتا إلى أن “مشاركة النيجر ومالي مع الجيش الجزائري في تدريبات على عمليات قتالية مع البوليساريو، لا تشكل أي عقدة للمملكة المغربية باعتبارها رائدة العمل الإفريقي المشترك، من خلال عديد المبادرات التي طرحتها في هذا الإطار، في وقت تراهن فيه الجزائر على زعزعة استقرار المنطقة بهكذا ممارسات”.

انحياز جزائري وشرعية مفقودة تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال إدريس قسيم، أستاذ العلاقات الدولية بالكلية متعددة التخصصات بتازة، إنه “على الرغم من أن علاقات الجزائر مع كل من مالي والنيجر عرفت تدهورا كبيرا خلال الآونة الأخيرة، إلا أن الجزائر حرصت على الحفاظ على حد أدنى من التعاون والتنسيق، وأحيانا الإغراء”، مسجلا في هذا الصدد أن “الدولة الجزائرية تعتبر أن كلا البلدين يمثلان حديقة خلفية وعمقا استراتيجيا حيويا لها”.

وأشار قسيم، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى “إعلان شركة سوناطراك تدعيم قدراتها الإنتاجية وإنتاج المحروقات في دول الجوار، خاصة مالي والنيجر، واستثمار مئات ملايين الدولارات في هذين البلدين.

وبالتالي، فإن مشاركة الوفود العسكرية المالية والنيجرية في هذا التمرين العسكري تأتي في هذا السياق الذي تتحاشى فيه الجزائر وصول علاقاتها معهما إلى نقطة اللاعودة”.

ولفت الأستاذ الجامعي ذاته في المقابل إلى أن “هذا الأمر لا يمنع من القول إن أسباب الخلاف وجذور الأزمة مع الجزائر وهذه الدول لا تزال قائمة، فبالإضافة إلى التباين الواضح في المواقف والتوجهات والخيارات الاستراتيجية لهذه العواصم الثلاث، فإن نمط السلوك الجزائري، خاصة في إطار علاقاته الإقليمية، يظل مطبوعا بالبراغماتية والانحياز”.

وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “حرص الجزائر على إشراك جبهة البوليساريو في كل المبادرات والتحركات الإقليمية وكذا الفعاليات والتظاهرات الدولية، أضف إلى ذلك التمارين العسكرية متعددة الجنسيات، يروم من خلاله النظام الجزائري استعادة الشرعية المفقودة لهذا الكيان الانفصالي، وفي الكثير من الأحيان محاولة توريط بعض الدول في هذا النزاع المفتعل من خلال استغلال المنصات الإقليمية المشتركة على غرار منظمة الاتحاد الإفريقي.

وإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على أن قضية الصحراء أحكمت قبضتها على الوعي الاستراتيجي الجزائري”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.