محاربة الانفصال تدفع المغرب إلى الابتعاد عن تأييد استقلال "دولة القبائل"

أعلنت حركة تقرير مصير منطقة القبائل استقلالها عن الجزائر يوم 20 أبريل الجاري، وقيام “دولة سادسة” في المنطقة تنتظر الاعتراف الأممي؛ فيما لا تبدو الرباط متحمسة للخطوة رغم الأزمة المتصاعدة مع الجزائر؛ التي تحرص على دعم انفصاليي البوليساريو بجميع الوسائل.

وتقول حركة القبائل في أول عدد من جريدتها الرسمية عبر موقعها الرسمي الذي يؤطر إعلان الاستقلال إنه “حتى عام 1857 كانت منطقة القبائل تعيش دائما تحت سلطة ولاياتها الفيدرالية”، مردفة: “أول المؤرخين الذين شهدوا على ذلك هم أميانوس مارسيلينوس ثم بروكوبيوس، القيصري الذي سجل في القرنين الرابع والسادس الميلادي وجود اتحاد كونفدرالي للخمسينيات”.

ولم يخف فرحات مهني، رئيس حركة استقلال القبائل، مرات عديد، رغبته في الحصول على الدعم والاعتراف المغربي؛ فيما كانت الإشارة الوحيدة إلى رأي الرباط في الأمر ما جاء على لسان ممثل الرباط الدائم بالأمم المتحدة، عمر هلال، الذي قال: “إذا كانت الجزائر تدعي حقا الدفاع القانون الدولي فيجب عليها أن تطبق ذلك على الشعب الذي جاء قبل الدولة الجزائرية وهو القبائل”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وتؤكد المادة العاشرة من إعلان استقلال القبائل عن الجزائر أن هذا المستجد موجه إلى جميع الحكومات الموجودة في الأمم المتحدة والمنظمات فوق الوطنية وشركاء شعب القبائل.

وقبل أسبوع راسل فرحات مهني، زعيم الحركة، السلطات المغربية من أجل دعمها ومساندتها في خطوة إعلان ميلاد “الدولة القبائلية” في مدينة نيويورك الأمريكية.

تناقضات سياسية يرى علي غمير، باحث في الشأن السياسي، أن “المغرب لا يمكن أن يفتح المجال لتناقضات سياسية؛ فهو يحارب الانفصال كيفما كان، ويحترم القانون الدولي وسيادة الدول”.

وأضاف غمير لهسبريس أن المملكة تاريخيا تدافع عن التلاحم في العالم وليس الانقسام، ولها إيديولوجية الاستقرار العالمي، مشددا على أن “الرباط لا تعامل الجزائر الداعمة للبوليساريو بالمنطق نفسه، بل بمبادئ راسخة وقيم حكيمة”.

وشدد المتحدث عينه على أن تصريحات هلال في نيويورك ليست رسمية، بل فقط “تحذيرات منطقية للنظام الجزائري من أن من بيته من زجاج لا يجب أن يرمي الآخرين بالحجر”.

وبين الباحث في الشأن السياسي أن “المملكة المغربية دولة ذات تاريخ، ومرت من تجارب تاريخية عديدة”، مؤكدا أن “منطق الانفصال له تبعات اقتصادية ومجتمعية وخيمة، تصل نتائجها إلى المستوى الإقليمي والدولي”.

احترام السيادة محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، علق على الموضوع بالقول: “الرباط في سياستها الخارجية تحرص على وحدة أراضي الشعوب”.

وأضاف الزهراوي لهسبريس أن المغرب يلتزم بميثاق الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، الداعي إلى احترام وحدة أراضي الدول، مؤكدا أن “المملكة تاريخيا دعمت استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي، وطيلة الوقت لم تكن مصدر خطر بالنسبة للجارة الشرقية رغم اجتزاء فرنسا أرضيها في الصحراء الشرقية”.

وبين المتحدث ذاته أن “المجال الجغرافي الحالي لا يعكس الهوية الجزائرية الحقيقية، بل هنالك أراض مغربية حقة”، موردا أنه “رغم كل هذا فالعاهل المغربي مؤخرا أكد أن المملكة لن تكون مصدر تهديد للجيران الجزائريين”، وزاد: “المغرب يعي جيدا أن وجود دويلات جديدة في المنطقة سيزيد من تأزيم شعوب المنطقة المغاربية، وسيطرح إشكالية القوميات الموجود حاليا في أوروبا”، مبرزا أن “المملكة تحارب طرح ظهور دويلات وقوميات جديدة”.

وأجمل الباحث ذاته قائلا: “مواقف المغرب الراسخة والتاريخية لا يمكن أن يتم تفسيرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالرباط تنتج المواقف بشكل رسمي، وليس عبر هاته الوسائط، لذا علينا أن نفهم أن الدولة المغربية بعيدة عن الواقع الافتراضي، ولا يمكنها أن تنجر إلى أطروحة الجزائر في ترسيخ العقيدة العدائية بين الشعوب”، خاتما بأن “الرباط تتعامل مع الشعب الجزائري وليس النظام العسكري”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 1 أسابيع | 4 قراءة)
.