اليوم العالمي للسلامة المهنية يجدد مطالب ملاءمة مدونة الشغل للمعايير الدولية

بالتزامن مع احتفال المنتظم الدولي بـ”اليوم العالمي للسلامة والصحة في مكان العمل”، الذي يصادف 28 أبريل من كل سنة، دعا مهتمون إلى تحديث ومراجعة القوانين والتشريعات الوطنية المنظمة للعلاقات الشغلية، خاصة في ما يتعلق بالسلامة المهنية، وملاءمتها مع المعايير والاتفاقيات الدولية المعتمدة في هذا الإطار.

المنظمة الديمقراطية للشغل طالبت، في بيان لها بهذه المناسبة، الحكومة بـ”مراجعة القوانين المتقادمة بفعل المتغيرات الاقتصادية والبيئية ونظام إدارة السلامة والصحة المهنية وبناء آلية شاملة ومنظّمة للعمل المشترك ما بين العمّال والمقاولة”.

كما دعت الهيئة ذاتها، في البيان الذي توصلت جريدة هسبريس بنسخة منه، إلى “إقرار آليات قانونية وتدبيرية لتطبيق إجراءات السلامة والصحة ونهج وقائي بتقييم الأداء في تطبيق إجراءات الوقاية والرقابة”، بالإضافة إلى “جعل ملف الصحة والسلامة في العمل في قلب الحوار الاجتماعي بين مختلف الفاعلين الاجتماعيين”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} بنود متقادمة واستثمار في الإنسان قال علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، إن “المغرب وبالرغم من توفره على ترسانة تشريعية وقانونية تتعلق بالعلاقات المهنية ونظام الصحة والسلامة المهنية والوقاية من حوادث الشغل والصحة والسلامة المهنية، التي أساسها مدونة الشغل الصادرة سنة 2003؛ فإن بعض بنودها أصبحت متقادمة، كما أن هناك فراغا قانونيا بالنسبة المتغيرات الجديدة في مجال العمل.

.

وبالتالي أصبح من الضروري ملاءمة الإطار القانوني مع المعايير الدولية والبيئية الجديدة في هذا الصدد”.

وأضاف لطفي، في تصريح لهسبريس، أن “الملاءمة لا تعني فقط المصادقة على عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية؛ بل القدرة على تطبيقها وتعزيز إجراءات المراقبة والحكامة وبناء ثقافة الصحة والسلامة المهنية وسط العمال وانخراط أرباب العمل بدورهم في مشروع ضمان الصحة والسلامة المهنية في العمل”، مؤكدا أن “الإشكالية تقع في مدى إعمال القانون الذي يعد من أبرز التحديات التي تواجه مفتشي الشغل وأرباب العمل والنقابات العمالية”.

ولفت الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل إلى أن “الأمر يتعلق أيضا بحماية الأطفال وعدم تشغيلهم في سن مبكرة وحماية الأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين، وخاصة إعادة النظر في نظام التعويض عن حوادث الشغل والصحة والسلامة المهنية”، مشددا على أن “هذا يعد أفضل استثمار في الإنسان وفي أجيال المستقبل؛ وبالتالي فهذا يقتضي إصلاح جذريا للتشريعات والمساطر المتعلقة بحوادث الشغل والأمراض المهنية على مستوى المعاينة والتكفل والتتبع والتعويض وتحفيز المقاولات على تبني قواعد الصحة والسلامة في العمل”.

مطالب ملحة ومسؤولية مشتركة قال رشيد الفيلالي المكناسي، أستاذ جامعي وخبير لدى منظمة العمل الدولية، إن “إن موضوع السلامة والصحة في العمل حظي باهتمام خاص من منظمة العمل الدولية التي خصصت له زهاء 40 اتفاقية وتوصية دولية؛ من أبرزها الاتفاقية ،155 والبروتكول المرتبط بها بشأن السلامة والصحة المهنيتين، والاتفاقية 187 بشأن الإطار الترويجي للسلامة والصحة المهنيتين”، مسجلا أن “المغرب صادق، منذ سنة 2019، على الاتفاقية 187؛ إلا أنه لم يصادق بعد على الاتفاقية 155.

.

والحال أن الاتفاقيتين الاثنتين أصبحتا، منذ سنة 2022، ضمن الاتفاقيات الأساسية التي تحظى بالأولوية في التنزيل والتتبع من طرف المنظمة وأعضائها بغض النظر عن المصادقة عليها”.

وأضاف الفيلالي المكناسي أن “تحليل مضامين مجموعة من الاتفاقيات والتوصيات يُظهر أن الدول مطالبة بإلحاح بوضع سياسات وطنية للصحة والسلامة المهنتين والعمل على تنفيذها ومراقبة الامتثال لأحكامها ووضع آليات ناجعة لتطويرها تشمل إشراك العمال وممثليهم وتدريبهم وتوفير المعلومات وتطوير البحث العلمي والتنسيق بين مختلف المتدخلين بما في ذلك هيئات التأمين والتفتيش.

ومن هنا يتضح أن مسألة تطوير التشريع لا تنفصل عن مواكبة التصنيع والسعي نحو المحافظة على البيئة والارتقاء بالمقدرات الفنية والعلمية لجميع المتدخلين في القطاعين العام والخاص، حيث إن الأمر يتطلب نفسا طويلا ومجهودا تدريجيا غير منقطع يشارك فيه الجميع”.

وشدد الخبير الدولي ذاته على أن “جائحة كورونا جسدت الترابط والتداخل بين السلامة المهنية والصحة العمومية والحماية الاجتماعية”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “مظاهر الفتور في المغرب في اعتماد المعايير الدولية والممارسات الجيدة في هذا المجال هو غياب النصوص التطبيقية لمدونة الشغل في هذا المجال، وعدم تجديد الترسانة السابقة لها، وغياب أي نظام للصحة والسلامة المهنتين في القطاع العمومي، وتجاوز التشريعات المعمول بها في القطاع المنجمي وفي قطاعي الصيد والملاحة التجارية”.

في السياق نفسه، سجل المصرح لهسبريس “سوء تطبيق طب الشغل وضعف إعمال لجان الصحة والسلامة المهنيتين في المقاولات المعنية، وغياب التأهيل في هذا المجال وسواء بالنسبة للساهرين على تدبير الموارد البشرية أو لتفتيش الشغل أو ممثلي العمال أو لقضاة الشغل”؛ غير أنه أردف: “هذا لا يعني أن الحصيلة سلبية، فمن بين المكتسبات التي تحققت انفتاح تفتيش الشغل على إطار المهندسين وتنظيم تدريبات للأطر والارتقاء بالمسؤولية الاجتماعية من طرف مقاولات عديدة مندرجة في سلاسل التوريد الدولية ومبادرات مهنية عديدة نموذجية”.

وخلص الخبير لدى منظمة العمل الدولية إلى أن “السلامة والصحة المهنيتين مسؤولية مشتركة ورافعة للعدالة الاجتماعية وللتنمية المستدامة؛ وبالتالي فإن العجز الحاصل لا يمكن تجاوزه بالتفتيش والردع بل يحتاج إلى مقاربة شمولية وتعبئة شاملة عبر سياسة وطنية واضحة كما تدعو إليها معايير العمل الدولية.

ومع ذلك، لا يستهان بالقيمة المضافة التي يمثلها تحيين الأنظمة وملاءمتها مع الواقع وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية للتوعية والمراقبة والردع”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.