حارة نجيب محفوظ.. معرض أبوظبي للكتاب يحتفي بـ"عميد الرواية العربية"

صوتٌ عابرٌ للأزمنة يستقبلُ زائر رواق مصر في الدورة الثالثة والثلاثين من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، هو صوت أم كلثوم، المحتفي، أيضا، باختيار مركز ثقل الثقافة العربية ضيف شرف السنة الراهنة 2024؛ “تقديراً لدورها الأدبي والثقافي والفني”.

هذا الرواق الخاص الذي يطبعه التراث الفرعوني والحرف العربي والإبداع المصري فنا ودينا وثقافة تجاوره “حارة نجيب محفوظ”، التي استوت معرضا لأحد أبرز الأقلام الكاتبةِ الأدبَ باللغة العربية، وواحد من أبرز الكتاب العالميين المنضوين تحت يافطة “نخبة نوبل للآداب”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} في هذا المعرض يجد الزائر معيش نجيب محفوظ اقتباسات، وحِكما، ومواقف، وتجربة عيش؛ فثمّة قصة رقابة “أولاد حارتنا” وعودتها للقراء، والشاهدُ الجريدة والرواية نفسها، وبجانبها أعمال أخرى من بينها ثلاثيته البارزة.

نجيب محفوظ في بيته هذا يُحتفى به “حالة فريدة في عالم الأدب العربي”، لا لكونه فقط “أديبا عملاقا تُوّجت مسيرته بالجائزة الأهم عالميا على الإطلاق، وهي نوبل في الأدب”، بل أيضا لأنه “عميد حقيقي للرواية العربية (…) مع مسيرة إبداعية دؤوبة لأكثر من سبعة عقود، رسم خلالها بريشة فنان وشرّح بمشرط جرّاح ورؤية فيلسوف مصر بكل تفاصيلها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في القرن العشرين”.

نجيب محفوظ عالمُ الاجتماع الفعلي لمصر وأدبه مفتاح فهم مجتمعه، كما درج على ذلك القول؛ يحضر في بيته بمعرض الكتاب “سينمائيا” أيضا، وتحضر الأفلام التي ألهمها أدبه؛ “ميرامار”، “بين القصرين”، “قصر الشوق”، “الحب فوق هضبة الهرم”، “الكرنك”، وغيرها.

لكن، لماذا الاهتمام باستلهامات الشاشة الكبيرة في قصة أديب رفيقه قلمه؟ يجيب البيت: “قدّم نجيب محفوظ للأدب العربي والفن ما لم يقدّمه له أحد غيره، فتجاوز تأثيره مشهد الكلمات والقراءة، تاركا خلفه بصمة لا تنسى في عالم السينما كذلك، وانفرد بتصويره العميق للشخصيات وتقديمه الفريد والدقيق للمشاهد والتفاصيل، ليتم تحويل كثير من أعماله إلى أفلام مشوّقة تطيب لرؤيتها العين الذوّاقة”.

نجيب المسمّى على اسم الطبيب الذي أنقذ حياته وليدا في ليلة دجنبرِية باردة سنة 1911 شهد، كما يوثّق ذلك المسار الزمني الذي يختصر عيش إنسان وتجربة أديب؛ ثورة 1919 “التي تركت أثرا كبيرا في شخصيته، وأشعلت بداخله معركة الهوية والفكر القومي، كما تركت أثرا كبيرا على أدبه”؛ كما شهد الأحداث الكبرى التي عرفتها مصر والمنطقة العربية وكافة دول العالم في القرن العشرين ومطلع تالِيه، خلال سنوات عيشه الثلاث بعد التسعين.

في هذا الرواق البيت قصص أخرى عن مسار أديب بدأ ينشر مقالات في مجلة “الرسالة” الأسبوعية وهو في مرحلة الباكالوريا، ونشر أول قصة قصيرة له سنة 1928 في مجلة “الشباب”، ثم التحق بقسم الفلسفة، ونشر بعد سنوات عشر أُولى رواياته “عبث الأقدار”، وعقب عشر أُخَر طبع أولى مجموعاته القصصية “همس الجنون”.

ومن بين ما يجده الزائر في قلب هذا التكثيف لمعيش الأديب شيءٌ من مآسي المنطقة التي كتبَ بلسانها؛ رقابة ومنع، مثل ما عرفته “أولاد حارتنا” وهي تنشر مسلسلة على صفحات “جريدة الأهرام”، ومحاولة اغتيال سنة 1994، وتتويج من الخارج انتخب أدبه، المكتوب بالعربية، أدبا إنسانيا.

“لكن… آفة حارتنا النسيان”، اقتباسٌ مكتوب من بين اقتباسات مخطوطة ومسموعة متناثرة عبر هذه الرحلة في مسار نجيب محفوظ.

رحلةٌ لا تستسلم للنسيان؛ من محطّاتها مقهاهُ الشعبيّ المفضّل “قهوة الفيشاوي” الذي كان له به كرسيّه الخاص، وذكريات طيبة من حياة كاتب شهد أحزن نكبات المنطقة، وشرّح آفات المجتمع ولم يلذ بالسكوت عنها؛ لكنه كتب: “لا أحذّركم إلا من عدو واحد، هو اليأس”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 أسابيع | 6 قراءة)
.