محمد مغربي يكتب.. "الدارك ويب" بيزنس الموت الذي يسكن هواتف أطفالنا!

في مسلسل "عتبات البهجة" الذي عُرض رمضان الماضي، ظهر الممثل الشاب خالد عمر، وهو يؤدي دور الفتي الذي يعمل في شبكة إنترنت تُسمى "الدارك ويب" ومن خلالها، يمارس أنشطة غير قانونية مثل تجارة المخدرات وما إلى ذلك، وإن كان العمل الفني اقتضى ذكر تجارة المخدرات فقط، فإن حادثة شبرا التي وقعت منذ أيام توضح لنا أن "المخدرات" هي أقل الأضرار في هذا العالم المسمى "الإنترنت المظلم".

فبحسب التحقيقات الرسمية حتى الآن، فهناك طفل مصري تجاوز الخمسة عشر عام بقليل، ومقيم في الكويت، كلّف طفل آخر في مصر أن يقوم بقتل طفل ثالث مقابل 5 ملايين جنيه مقابل بيع أعضاؤه البشرية التي سينقلها بعد ذلك، وإمعانا في تنفيذ الجريمة طلب المقيم في الكويت أن يكون هناك اتصال مرئي ليخبر المجرم بكيفية تأدية جريمته، لكن الحقيقة أنه أراد تصوير هذا المشهد لبيعه لمواقع "الدارك ويب" التي تدفع ملايين الدولارات مقابل شراء مقاطع القتل البشعة التي تحظى بمشاهدات فلكية في هذا الجزء الغامض من الفضاء المفتوح.

ما حدث يتناسب مع الدراسة التي أجراها الباحث غاريث أوين في جامعة بورتسموث عام 2014، وتوصّل فيها إلى أن أكثر المحتويات التي تلقى رواجا في "الدارك ويب" هي محتويات القتل البشعة، والاستغلال الإباحي للأطفال، وفي المرتبة الثالثة تأتي الأسواق السوداء للعملة ثم منتديات النقاش السياسي في المرتبة الأخيرة.

من يرى ذلك، يظن أن "الدارك ويب" أمر حديث، وفكرة ابتكرها مجرمون من البداية، لكن الصدمة الحقيقية أن كل ذلك غير صحيح، ففي عام 2001 وبسبب انتشار منتديات الانترنت العادية وقتها، قرر بعض الأفراد مجهولي الهوية والعناوين الهروب من الرقابة التي يتعرضون لها بسبب الشبكة العنكبوتية والتي من خلالها يمكن معرفة موقعك بدقة، ولذلك لجئوا إلى شبكات صغيرة يصعب تتبعها مثل "P2P" و"F2F" قبل أن يتسع المجال لمنظمات عالمية تملك شبكات عملاقة مثل "I2P " و"فرينت تور".

وتعتمد تلك الشبكات في آلية عملها على طرق غير تقليدية، فلا يمكن الوصول إليها باستخدام متصفحات كـ"جوجل كروم" أو "فاير فوكس"، بل بتطبيقات متخصصة يتم تحميلها حتى تتيح لك استخدام متصفح مجهول يُسمى "Tor "  وهو بوابة الدخول إلى هذا العالم، فمن خلال دخوله يتم تشفير بياناتك عدة مرات قبل إرسالها عبر الإنترنت، ويتم تشفير البيانات محليًا ثم إرسالها إلى سلسلة من الخوادم مملوكة لأناس يُسموا "متطوعين" ويُعرف كل منهم باسم "العقدة"، وفي كل عقدة يتم فك تشفير البيانات جزئيًا وإعاده تشفيرها باستخدام مفتاح جديد قبل إرسالها إلى العقدة التالية، ويعد "تور " هو "جوجل الدارك ويب"  وهكذا وسط شبكة غير نهائية ومتطوعين موجودين في جميع أنحاء العالم، يصبح التتبع أمر مستحيل والتعرف على الأشخاص يستلزم جهد أجهزة دولة تعمل وفق أحدث النظم لمطاردة الجرائم التي تقع في هذا الجانب المظلم.

وتلخيصًا لتلك العملية، يمكن القول أن شبكات "تور" لا تستخدم شبكات الـ"VPNs" العادية، التي تقوم بتوصيل العملاء مباشرة إلى الخوادم، بل تصنع دوائر افتراضية فرعية كثيرة، وتحتوي تلك الدوائر على ثلاث صفات مهمة، أولها، إنه لا توجد نقطة تعرف المسار الكامل بين نقاط النهاية للدائرة، وثانيًا، أن كل اتصال يكون مشفرًا بشكل فريد، وثالثًا، ان جميع الارتباطات قصيرة الأمد لمنع مراقبة سلوك البيانات مع مرور الوقت.

أما بالنسبة للأموال التي تُستخدم في تلك العمليات غير القانونية، ففي الماضي كان النشطاء على "الدارك ويب" يستخدمون أساليب مختلفة مثل تحويل الأموال في بنوك سرية لا تفصح عن هوية أصحابها، مثل البنوك السويسرية وأخرى في جزر الكاريبي وما إلى ذلك من بنوك تعتمد نظام الـ"أوف شور"، أما مع بزوغ شمس العملاقة الرقمية مثل "بيتكوين" وغيرها، لم يعد هناك حاجة لتلك العمليات إذ أضحت العملات الرقمية هي الرسمية والمتداولة في كافة الأنشطة.

  وأخيرًا، وإذا كان هذا الواقع، فالسؤال كيف يمكنك أن تصبح بأمان إن اضطررت لاستخدام "الدارك ويب"، وهذا ما أوضحه في بعض النقاط للنجاة من هذا الفخ.

 أولًا، تثبيت برامج الأمان، أي التأكد من وجود برامج لمكافحة الفيروسات وحماية جدار الحماية لجهازك لتجنّب التعرض لأي تهديد إلكتروني.

ثانيًا، تجنب قدر المستطاع مشاركة المعلومات الشخصية، بما في ذلك اسمك الحقيقي أو عنوان بريدك الإلكتروني أو موقعك الجغرافي.

ثالثًا،  الحذر التام من المحتوى الذي تتصفحه، وتجنب أي روابط مشبوهة، أو تحميل أي ملفات غير موثوق بها.

رابعًا، بعد الانتهاء من تصفحك، تأكد من فصل اتصالات بالإنترنت وإغلاق متصفح "تور".

مصر      |      المصدر: الوطن نيوز    (منذ: 2 أسابيع | 5 قراءة)
.