التتويج الأخير

التتويج الأخير

مبارك الرصاصي كانت أجواء تلك الليلة عاصفة ومثيرة، بذلك الحضور الطاغي، الذي ملأ أرجاء الملعب وأركانه بحماسة اللاعبين وروعة الحاضرين، في «كلاسيكو» عنوانه «المطر الذي رحل»، في أمسية كانت حافلة بكل التحدي والإصرار، والأكثر إبهاراً هو الصخب الجارف الذي كان بعد المباراة، ليس احتفالاً باللقب الثالث للوحدة، الذي تحقق على حساب الغريم التقليدي العين، إنما عرساً واحتفاء وعرفاناً لأحد أساطير المستديرة، من نقش اسمه في صحيفة الإنجازات وسجلات التاريخ، فاخترق سماء المجد والعلياء، لما يملكه من محبه وتأثير في القلوب.

قلة هم اللاعبون الذين يحظون بالقبول الاجتماعي عند الآخرين، وليس من السهل أن تكون مصدراً للسعادة والبسمة، ومنبعاً للفرح والسرور، وقلة من يتركون الأثر الطيب أثناء مشوارهم الرياضي في نفوس عشاقهم ومنافسيهم، وينثرون بصمتهم في حضورهم وفي تواجدهم، لكن إسماعيل مطر «سمعة» ولد كبيراً مميزاً ومتفوقاً على أقرانه وأبناء جيله، ونصب نفسه قائدهم وموجههم وقدوتهم، تجاوز ال40 ربيعاً إلا أنه ظل وفياً لناديه رغم العروض، ودخل النادي المئوي، وترك أثراً بالغاً فهو ممن يملكون الموهبة ممزوجة بجزيل العطاء والأخلاق.

لم يكن ظهوره وهو يرفع جائزة أفضل لاعب في كأس العالم للشباب 2003 التي أقيمت في الإمارات، على حساب الكثير من النجوم والأسماء العالمية المبهرة، إلا دلالة على بزوغ نجم قادم في سماء الدولة، ثم منح الشعب الإماراتي فرحته الأولى، ومن لا يتذكر الهدف الغالي الذي سطره في المباراة النهائية أمام منتخب عمان في شباك الحارس علي الحبسي، وبه أضحت الإمارات بطلة الخليج للمرة الأولى في تاريخها.

كثيرة هي الذكريات واللحظات الجميلة، التي حفظتها ذاكرة أبناء الوطن عن إسماعيل وتضحياته في معشوقته المستديرة.

لم تكن كأس مصرف أبوظبي الإسلامي الأخيرة التي يرفعها ويحتضنها فحسب، إنما كانت الأخيرة التي تركها لنا، في مشوار طويل ما بين الشهد والدموع، من الجهد والعرق والمثابرة، من الانتصارات التي عانقته والانكسارات التي طالته، ورغم ذلك كانت تلك دروساً من الحياة طوقته منذ البدايات، وكونت شخصيته وحفرت له ذلك الأثر الجميل بين محبيه وعشاقه، رمزاً يتفاخرون به فوق أعناقهم، فشكراً مطر على هذه القصة الجميلة.

التقييمات Select ratingقيّم 1/5قيّم 2/5قيّم 3/5قيّم 4/5قيّم 5/5 Rate

الامارات      |      المصدر: الخليج    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.