دغسان .. القاتل الخفي

دغسان .. القاتل الخفي

دغسان .

.

القاتل الخفي مُهربٌ ذو مسحة إجرامية ظل مطاردًا ومطلوبًا أمنيًا لدى أجهزة الدولة أيام كانت هناك دولة، وقبل أن يسطو عليها خفافيش الظلام الإخوان والحوثيون كوجهين لعملة واحدة في أحداث فوضى 2011.

هذا المهرب سيقتنص فرصته في تلك الأحداث التخريبية ليصبح واحدًا من أهم ممولي الانقلاب الحوثي المشؤوم على الدولة ومن أهم ممولي العصابة الحوثية الارهابية "وكلاء إيران" نفسها منذ أن كانت ما تزال حبيسة الكهوف في صعدة.

إنه التاجر المليشياوي أحمد دغسان، والذي سيتفرخ هو ومجموعة من أبنائه إلى تجارات وشركات في مجالات متعددة، منها ما عملت على تبييض الأموال كشركات الصرافة، ومنها ما عملت على تهريب المبيدات والأسمدة، ومنها ما عملت على تهريب النفط وبيعه في السوق السوداء، ليتوسع النشاط شيئا فشيئا ويتحول "دغسان" إلى أكبر هامور فساد وأخطبوط مالي كبير.

في العام 2015 حاول الصحفي الاستقصائي الاقتراب من قضية تهريب النفط وبيعه في السوق السوداء بشكل احتكاري استمر لسنوات، وكانت إحدى شركات الابن دغسان أحمد دغسان إحدى الشركات المتورطة في ملف تهريب النفط.

استطاع العبسي من خلال الوثائق التي حصل عليها جمع مادة استقصائية فاضحة عن تلك الشركات، لكن يد الجريمة استطاعت أن تنال منه قبل أن يتمكن من فضحها فدفع حياته بشكل مريع.

 لم تكن وفاة العبسي الغامضة، في 20 ديسمبر 2016، سوى تصفية بالسم حسب ما توصل إليه الطب الشرعي، فكانت الجريمة هي الإفصاح الحقيقي عن يد دغسان الطولى.

كان العبسي في العام 2016 قد انتهى من إعداد ملف عن فساد في ملف النفط يشترك فيه ثالوث سيصبح هو الأكثر رعبا ونفوذا وفتكا في عصابة الحوثي الإرهابية: دغسان أحمد دغسان ومحمد عبد السلام فليتة وعلي ناصر قرشة.

لم يكن يعرف أنه سيدفع حياته ثمنا لكشفه حقيقة ذلك الثالوث المرعب من خلال التخلص منه بالسم، باعتباره السلاح الأمثل لدغسان والذي يمكن له به أن يقتل شعبا بأكمله ولا يبالي.

وبحسب الصحفي غمدان اليوسفي، فإن العبسي كان قد سلم ما أعده من وثائق وملف لفساد الثالوث الفليتي الدغساني القرشي لأحد أولئك الذين استخدمتهم العصابة ثم استغنت عنهم في ما بعد وهو المدعو علي البخيتي، وبالتالي البخيتي هو المتهم الرابع في نظر اليوسفي بقتل العبسي الذي وَثِق به وسلمه ملفا طافحا بالفساد لسوق نفط سوداء يديرها طيلة سنوات الحرب ثالوث الرعب.

كتب اليوسفي قائلا:‏1- لماذا يجب اتهام علي البخيتي بالمساهمة في قتل الزميل العبسي؟ البخيتي سكت منذ شهر على الوثائق التي أرسلها له العبسي وتخص فساد النفط.

‏2- حين قرر البخيتي نشر وثائق الفساد أخفى اسمي دغسان وقرشة وهذا يعني أنه فقط استخدم صراعه مع محمد عبدالسلام لتعزيز موقفه أمام قيادة الجماعة.

‏3- إخفاء اسمي دغسان وقرشة في ما نشره البخيتي يؤكد أنه قام بإبلاغ من تم شطب أسمائهم بأن العبسي يملك وثائق تفضحهم، وبالتالي هو من دلهم عليه.

‏4- اغتيال ‎العبسي بالسم كشف أكذوبة البخيتي بأنه يقف ضد لصوصية الحوثيين وأعمالهم وإنما وقف معهم ليكون أحد المتسببين باغتيال شخص وثق بنزاهته.

‏5- لماذا أخفى البخيتي الوثائق لأكثر من شهر إذا كان يهمه فعلا ما يقوم به العبسي؟ ولماذا أخفى اسم دغسان وقرشة وترك اسم محمد عبدالسلام؟بحسب ما توصل إليه اليوسفي، كان هناك مراسلات بين العبسي وشركة ‎أويل برايمر لتاجر المبيدات والسلاح والنفط وشركات الأموال دغسان أحمد دغسان، والتي تعتبر أحد أضلع ذلك الثالوث، بالإضافة إلى الضلعين الآخرين وهما شركة ‎يمن ﻻيف لناطق العصابة محمد عبدالسلام فليتة، وشركة ‎بلاك جولد للقيادي وتاجر الجماعة النافذ هو أيضا علي ناصر قرشة، فعلى أي أساس سيكون هناك مراسلات بين العبسي وشركة دغسان النفطية إن لم تكن متورطة هي الأخرى بتهريب النفط؟! وإذا كان ثمة من تصفية حسابات بين البخيتي وفليتة جعلته يبقي على اسمه فقط ويسقط الاسمين الملاصقين فإن علاقة وطيدة بين دغسان وقرشة جعلت الأخير على سبيل المثال يتوجه على وجه السرعة إلى سلطنة عمان، وبدعوة لا شك من محمد عبد السلام فليتة المقيم الدائم في مسقط ومفاوض عصابة الحوثي وصاحب الامتيازات.

هناك اكتمل الثالوث الفليتي الدغساني القرشي، حيث سيلتقط قرشة صورة تاريخية من زيارة قام بها لدغسان في مستشفى قابوس قائلا: "دعواتكم للأخ دغسان أحمد دغسان تمت العملية بنجاح في مستشفى السلطان قابوس.

نسأل الله له الشفاء العاجل ونسأل الله الرحمة لأخوه المرحوم صالح دغسان".

في فبراير 2019 أكد تقرير الخبراء الأمميين أن الصحفي العبسي ذكر ثلاث شركات متورطة في أنشطة تهريب النفط وبيعها في السوق السوداء، وهي: "يمن لايف" لعبد السلام، و"أويل برايمر" لدغسان، و"بلاك غولد" لقرشة.

وبالتالي كيف لشركتي دغسان وقرشة أن تسقطا من تقرير العبسي في نسخته البخيتية ولا يبقى ذكر إلا لفليتة فقط؟!توفي الصحفي العبسي بصنعاء، وتم تأجيل دفنه إلى 13 يناير 2017، بعد طلب من أهله وزملائه بتشريح الجثة تقدموا به إلى النائب العام للتحقيق في ظروف وفاته المفاجئة.

وفي 6 فبراير 2017، أعلنت نقابة الصحافيين اليمنيين أن العبسي مات مسموما.

وقال بيان للنقابة حينها إن نتيجة الفحص المخبري وتقرير الطبيب الشرعي خلصت إلى أن الصحفي العبسي (35 عاما) توفي بسبب التسمم والاختناق بغاز أول أوكسيد الكربون، حيث وجدت مادة (الكاربوكسي هيموغلوبين) في الدم بنسبة تشبع 65%، والتي تعتبر قاتلة.

وأضاف البيان: "بناء على هذه النتيجة تدعو أسرة الصحافي العبسي ومعها فريق المتابعة المساند لها النيابة العامة البدء بتحقيق شفاف وكفؤ حول ملابسات الوفاة، بما يكفل معرفة كافة الأسباب والظروف المحيطة بها".

وحتى الآن لا جديد.

ففي 3 نوفمبر 2023 تحدثت منظمة "رايتس رادار" الحقوقية عن آخر ما تم الوصول إليه في قضية تصفية العبسي، حيث "طالب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية (اليونسكو) بإجراء تحقيق شامل ومستقل في مقتل العبسي، لكن ذلك لم يحدث".

 ونقلت المنظمة عن محامي الدفاع (لم تشر إلى اسمه) قوله بأن عصابة الحوثي  تعاملت مع القضية بنوع من اللامبالاة، حيث استمرت مرحلة جمع الاستدلالات 3 سنوات قبل أن يتم رفع ملف القضية إلى نيابة غرب صنعاء التي رفضت السير بإجراءات التحقيق في القضية، واستدعاء المتهمين للمثول أمامها بالرغم من تقديم طلبات لاستيفاء بعض النواقص في ملف القضية، وبعد مرور نحو سبع سنوات وفي نوفمبر 2022 أصدرت النيابة قرارا بحفظ القضية لعدم كفاية الأدلة.

وتبقى جريمة قتل العبسي بتلك الطريقة البشعة واحدة من جرائم العصابة الحوثية التي تمت على يد المجرم دغسان وتمت التغطية عليها، مثلما يتم الآن التغطية على جرائمه بحق الآلاف ممن أصيبوا بأمراض السرطان بفعل مبيداته المحظورة التي قام باستيرادها وإغراق السوق بها.

اليمن      |      المصدر: المنتصف نت    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.