أكاديمية المملكة المغربية تناقش التماسك الأسري على أضواء التحولات العالمية

اهتمامٌ بالقضايا الكبرى للأسرة في ظل أزمة القيم، والتماسك الأسري والاجتماعي على محك التحولات العالمية، انطلقت في ظلّه الدورة التاسعة والأربعون لأكاديمية المملكة المغربية.

يأتي الاهتمام المتجدد لأكاديمية المملكة بتحديات الأسرة عقب رسالة ملكية وجّهها ملك البلاد إلى الدورة السابقة التي نصّبت الأعضاء الجدد متمّ سنة 2023، تنبّه المؤسسة الفكرية الأعلى في المشهد المغربي إلى ما تطرحه الأسرة من “أهمية كبرى باعتبارها مؤسسة اجتماعية تواجه عدة تحديات”، من أبرزها “قضايا المناصفة والإنصاف، وتوزيع الموارد المتاحة، وتسارع وتيرة الأزمات البيئية وما يصاحبها من تنقل واسع للسكان، ناهيك عن التجمعات الحضرية الجديدة والتأثير المتزايد للتكنولوجيات الحديثة، مثل التقنيات الرقمية والتقنيات المستخدمة في مجال الأحياء الحديثة، وفي كل أشكال الحياة”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وقال عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، إن الأكاديمية فضلا عن عملها لإغناء وتطوير الأبحاث المرجعية الأصيلة في مختلف مجالات العلوم والفكر والثقافة والتراث والحضارة، بانفتاح على التجارب الثقافية والخبرات العلمية الوطنية والدولية، تروم تبادل الأفكار مع المختصين، لمناقشة “القضايا المهمة” وتبادل الأفكار مع المختصين من داخل المغرب وخارجه، والإسهام في تنمية البحث العلمي والانفتاح على التجارب والخبرات المغربية والعربية والدولية، نظرا لما “تحمله إلينا الألفية الثالثة من مستجدات هي أساس ما يشعله العالم المعاصر من تغيرات متسارعة”.

واستحضر لحجمري في الدورة التي يشارك فيها أكاديميون وخبراء من السنغال والمغرب وتونس والبرتغال وألمانيا وكوت ديفوار، إرادة مؤسس الأكاديمية الملك الراحل الحسن الثاني أن تكون “مؤسسة وطنية عليا تسهم في التقدم الفكري والعلمي للمملكة المغربية”، ثم جعل الملك محمد السادس منها “منارة علم وتفكير في قضايا العصر ورهانات الثقافة والحضارة”.

وأكّد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة أن من أدوارها “الارتقاء بالثقافة والمعرفة بنشر الوعي الثقافي والعلمي في أوساط المجتمع، وتعزيز التعاون بين المؤسسات الوطنية والدولية، وتبادل الخبرات بين العقول التي قدمت خدمات جليلة لبلدانها وللإنسانية في ميادين التنمية والمعرفة التاريخية والتراث المعماري والحضاري والعطاءات الطبية والفلسفية”، و”التعريف بمقومات الهوية الوطنية من خلال ترسيخ القيم النبيلة وأدوات المعرفة التاريخية وتطويرها والعناية بكنوز الحضارة المغربية”.

كما سطّر في افتتاح الدورة 49 على دور الأكاديمية في “نشر القيم والمبادئ الكونية والإعلاء من شأن الحوار بين الثقافات في تلاق مع أهداف دستور المملكة المغربية، القاضية بتعزيز قيم السلام والعدالة واحترام حقوق الإنسان ومواكبة المستجدات الفكرية والثقافية والحضارية، لتدبير عقلاني ورشيد، رفعا لكل التحديات وتعميما لثقافة أدب الاختلاف والتنوع وإعمال العقل”.

يذكر أن الرسالة الملكية إلى أكاديمية المملكة المغربية سبق أن نبّهت إلى ما تعيشه المجتمعات المعاصرة من وقع “تحولات اجتماعية وثقافية واقتصادية متسارعة ومتداخلة، وتتطور بالتغيير لا بالجمود”، وهو التراكم الذي يتطلب “التكامل المعرفي وتجسير العلوم”، بوصفهما “الرهان الأساس لأي تقدم سليم، يقوم على الحفاظ على هوية الأمة ويحصنها من المخاطر والانحرافات، ويكسب المجتمع التنوع والتعدد الفكري الإيجابي”.

وشدّدت الرسالة الملكية على أن “تقدم المجتمعات لن يتم من غير نهضة فكرية وثقافية متجددة، ولن يتحقق إلا بتوفر بيئة ملائمة لإنتاج المعرفة، وأن تطور تلك البيئة رهين بمدى إسهامها في تنمية العطاء الحضاري”، مع التذكير بأن “المملكة المغربية تمتلك، ولله الحمد، تراثا حضاريا خصبا ومتنوعا، ماديا وغير مادي، مكن بلادنا من احتلال مراتب متقدمة بين دول العالم من حيث التسجيلات الثقافية على قائمة اليونسكو للتراث العالمي”، مع ترسيخ “أكاديمية المملكة المغربية حضورها المتميز، داخليا وخارجيا، على مدى العقود الثلاثة منذ إنشائها، بما أنتجته من تفكير حول القيم، باعتبارها أحد مرتكزات الحياة الإنسانية”.

واعتبر الملك محمد السادس الاهتمام بموضوع الأسرة مهما وراهنيا “خاصة في ظل ما يشهده العالم من اهتزاز في المرجعيات وفقدانها أحيانا؛ مما يستدعي تعميق التفكير في هذا الموضوع الجوهري، والدراسة العلمية الرصينة للتحولات الجارية، ولتداعياتها على كل المستويات، ولا سيما في ما يخص التماسك العائلي والتضامن الاجتماعي”.

وتابع: “مما لا شك فيه أن مسألة القيم، بكل أبعادها وتجلياتها، تعد من بين المهام الجليلة للأكاديمية، لمساهمتها الفاعلة في بناء المشترك الإنساني عبر تعزيز الهوية وتثمين التعدد الثقافي واللغوي، وتحصينهما إبداعا وممارسة في الحياة الفكرية والانفتاح على شتى الحضارات والثقافات، وهو ما يجسد سعي أكاديمية المملكة المغربية لتحقيق شراكة حضارية تتخطى الاختلاف والتباين، وتروم التقارب والتواصل والتفاهم، في انفتاحها على المستجدات العلمية والفكرية، وإيمان والتزام بالقيم والمبادئ الإنسانية المشتركة”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 4 قراءة)
.