مطالب تغيير أسماء مناطق في المغرب تعيد النقاش حول التنمية والانتماء

تستأثر المطالب الجمعوية والسياسية وحتى الاقتصادية، التي تبرز بين الفينة والأخرى بالمغرب، المتعلقة بتغيير أو استبدال اسم منطقة أو جماعة أو مدينة باسم آخر، باهتمام كثيرين ممن يجدون في ذلك “خطوات جد متقدمة وغير مألوفة”.

الشاهد على ذلك أن النقاش لا يزال قائما بشأن طلبات تغيير اسم مدينة “سوق أربعاء الغرب” بإقليم القنيطرة، وذلك بعدما رفعت النائبة الاتحادية عائشة الكرجي طلبا، ضمن سؤال كتابي لها، إلى وزير الداخلية حول هذا الموضوع، موضحة أنها توصّلت بطلبات سكان المدينة، قبل أن يشرع هؤلاء في الظهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتسويق لهذا المطلب.

وشهد إقليم الجديدة هو الآخر النقاشَ ذاته خلال الأيام الماضية، بعدما تم الإعلان عن التوافق بشأن تغيير اسم “دوار الدحوش”، الواقع بجماعة مولاي عبد الله، إلى “الوفاق”، بدعوى أن الأول كان يسبب إحراجا للساكنة على الدوام.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وليست هذه الخطوات “أولى من نوعها”؛ إذ سبق أن تقدم علي العسري، مستشار برلماني، قبل أربع سنوات بطلب إلى وزارة الداخلية بغرض إحداث تغيير جزئي في اسم مدينة “قرية با امحمد”، الواقعة بإقليم تاونات، من خلال حذف لفظ “قرية”.

والمطالب ذاتها تخص مناطق حضرية أو قروية أخرى بالمغرب.

وتفيد بعض التحليلات بأن معالجة المطالب من هذا النوع تتطلب المرور عبر خطوات للتشاور والتوافق حولها من قبل المعنيين، قبل وضعها على “سكة القانون والإدارة”، حتى يتسنى الوصول إلى مرحلة “الإقرار الرسمي”، وهي الخطوة التي يمكن أن تُخلّف وراءها وقعا إداريا أو تنمويا ملموسا.

منير الحاجي، فاعل جمعوي بمدينة سوق أربعاء الغرب رئيس جمعية الشباب للتنمية البشرية، قال إن “الأمر يتعلق بطلب تغيير اسم المدينة، لأنها ليست سوقا كما يفيد اسمها، بل مدينة بكامل المواصفات، ولأن الاسم الذي تحمله حاليا يعرقل تنميتها”.

وأوضح الحاجي، في تصريح لهسبريس، أن “غالبية ساكنة المدينة تدعم هذه الخطوة؛ إذ تعتبرها مدخلا لتحقيق التنمية على الرغم من أن الأمر ليس بالسهل كما يتم تصوره، على اعتبار أن خطوات سابقة فشلت في المهمة نفسها”.

وأكد المنسق السابق لاتحاد جمعيات المجتمع المدني بالمدينة ذاتها أن “مواصلة الاعتماد على الاسم نفس يعني مواصلة خلق تصوّر سلبي تجاه هذه المنطقة الحضرية، مما يساهم في عرقلة تنميتها”.

قال يونس التايب، متخصص في الحكامة الترابية وسياسات الإدماج، إن “النقاش بشأن مطالب تغيير أسماء بعض المدن والجماعات الترابية، بداعي أن الاسم الحالي لم يعد يعكس التطور العمراني أو الحضري، مهم وله مشروعيته.

ومن حق المواطنين التفاعل معه سلبا وإيجابا، بما يعني ذلك من تجسيدٍ للانتماء”.

وأوضح التايب، في تصريح لهسبريس، أن “النقاش يجب أن يندرج ضمن دينامية تشاركية لا تستثني أي طرف من الأطراف المعنية به، سواء المنتخبين أو الفعاليات الاقتصادية، لكي تتم بلورة تصور يعكس قدرا كبيرا من الإجماع”.

كما أفاد بأن “اسم مدينة بعينها ليس مسألة ثانوية، وتغييره سيكون له أثر كبير على الأمور اللامادية (الصورة/التمثل) وعلى الجوانب المادية (ملف الجبايات المحلية/مسألة الوثائق الإدارية والتواصلية الصادرة قبل تغيير الاسم… إلخ)”.

أشار المصرّح نفسه إلى “ضرورة أن تمر هذه المطالب عبر ما تتيحه القوانين من آليات الترافع (ملتمسات/عرائض)، بغرض نقلها إلى المجالس المعنية، التي عليها أن تدرج التغيير المطلوب ضمن المساطر القانونية لتغيير أسماء المدن أو الجماعات الترابية، بداية بالمصادقة عليها ضمن دوراتها”.

وقال: “في اعتقادي، سيكون من الأفضل، في حالة تغيير بعض الكلمات التي تحملها أسماء بعض الجماعات، من قبيل ‘سوق كذا’، أن يتم إدراج التعديل ضمن سياق يهم باقي الجماعات التي تعرف الحالة نفسها، طبعا في إطار مقاربة تشاركية وتشاورية مع المجالس المعنية”.

“ومن شأن ذلك ضمان التناسق الإداري واحترام القوانين، وحفظ الهوية التاريخية والثقافية للأماكن كما يتمثلها السكان والمصالح الحكومية المعنية (وزارة الثقافة، مثلا)”، يؤكد التايب، لافتا إلى أنه “يجب التعاطي مع الأمر برصانة، واستحضار أن هدف تغيير صورة المجال الترابي وجاذبيته سيتطلب أكثر من مجرد تغيير الاسم”.

وخلص إلى أنه “من اللازم أيضا تجويد الحكامة المحلية والرقي بالسلوك المواطن والاهتمام بالبيئة المستدامة، وتشجيع الديناميات الثقافية والاجتماعية، واعتماد مقومات الجاذبية الاقتصادية، وتجديد النخب السياسية المحلية، ليعكس الاسم الجديد (للمدينة أو الجماعة الترابية) تحصيل حاصل لواقع إيجابي جديد”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 16 ساعة | 1 قراءة)
.