اسرار سياسية:
في تطور دراماتيكي أعقب الهجوم المسلح الذي قادته قبيلة "عنس" على مكاتب الضرائب والجمارك التابعة لمليشيا الحوثي في محافظة ذمار، اعتقلت المليشيا الشيخ "حسين المقدشي" أبرز وجوه الانتفاضة القبلية ضد الجبايات الباهظة المفروضة على سائقي شاحنات نقل مادة "النيس".
وجاءت عملية الاعتقال بعد أقل من 12 ساعة على اقتحام مئات المسلحين من أبناء عنس لمقار الجباية الحوثية وإحراقها، تعبيراً عن رفضهم للنهب المنظم الذي تمارسه المليشيا تحت غطاء "تنظيم قطاع النيس" والذي فجّر غضباً قبلياً واسعاً كاد يتطور إلى مواجهة شاملة.
وفي المقابل دخل الشيخ أحمد حسين الحديجي من الحدا، والشيخ يحيى أبو يابس من عنس، على خط الوساطة في محاولة لتهدئة الموقف، حيث بادر الشيخ أبو يابس بتسليم عشرة رهائن من أبناء عنس إلى المليشيا كبادرة حسن نية لفتح قنوات تفاوض وتخفيف حدة التوتر.
وتُوّجت الوساطة بالإفراج عن الشيخ المقدشي في محاولة من الحوثيين لتنفيس الغضب القبلي المتصاعد، دون أن تمس جوهر الأزمة المتمثل في سياسات الجباية الجائرة وتفشي الفساد داخل المؤسسات.
ويرى ناشطون أن سرعة الاعتقال ثم الإفراج عن المقدشي تعكس حجم الضغط القبلي الذي وقعت فيه المليشيا أمام مجتمع لا يزال يرفض الانصياع الكامل لمنظومتها الجبائية القسرية، خصوصاً بعد اتساع رقعة الغليان الشعبي في مناطق سيطرتها.
وتبقى الأزمة مفتوحة على احتمالات عدة، ما لم تتراجع المليشيا عن سياسات النهب والجباية وتُوقف عسكرة الاقتصاد عبر فرض ضرائب وإتاوات خارج إطار القانون.
مسلحو قبائل عنس يهاجمون مكاتب الضرائب الحوثية ويضرمون النيران فيها
في السياق شنّ مئات المسلحين من أبناء قبيلة "عنس" بمحافظة #ذمار، صباح الثلاثاء، هجوماً مسلحاً استهدف مكاتب الضرائب والجمارك وغرف الجباية المستحدثة من قِبل مليشيا #الحوثي، احتجاجاً على فرض إتاوات باهظة على سائقي شاحنات نقل مادة "النيس" في ما اعتُبر انتفاضة قبلية مفتوحة ضد "جبايات الكهنوت" التي حولت أرزاق المواطنين إلى مصادر تمويل لقيادات نافذة.
وتداول ناشطون مشاهد مصوّرة أظهرت لحظة اقتحام المسلحين الغرف الحديدية التي أقامتها المليشيا في مداخل المنطقة وإضرام النيران فيها، بينما فرّت العناصر #الحوثية من مواقعها دون أي اشتباك.. وقاد العملية الشيخ "محمد حسين المقدشي" الذي ظهر في تسجيل مرئي مؤكداً أن "التحرك لا يخص فرداً بل حق عام يُنتزع" مخاطباً جماعة الحوثي الإرهابية بقوله: "صنادق يُقتلعن، وبعدها نشوف المحافظ ومدير الأمن".
ويأتي هذا الهجوم بعد سلسلة من المناوشات القبلية وبيانات شديدة اللهجة حمّل فيها المقدشي والقبائل حملوا #الحوثيين مسؤولية تفجير الوضع، وعلى رأسهم المحافظ المعيّن من الجماعة ومدير الأمن ومسؤول التعبئة العامة، الذين اتُّهموا بابتداع إجراءات غير قانونية تحت غطاء "تنظيم قطاع النيس" لتحويله إلى بؤرة جباية ممنهجة.
وبحسب مصادر محلية فجّر القيادي الحوثي "أبو صلاح الجمل" الأزمة بعد تنصّله من اتفاق سابق يقضي بتخصيص عائدات مالية لصيانة الطرق وإنشاء صندوق تنموي، ليقوم لاحقاً بفرض جبايات جديدة وصلت إلى ألف ريال عن كل متر مكعب من مادة "النيس" في خطوة وصفت بـ"النهب المشرعن باسم الدولة".
وتعود جذور الاحتقان إلى إبريل الماضي حين بدأ سائقو شاحنات النيس إضراباً شاملاً بسبب مضاعفة رسوم النقل وفرض ما تُسمى "زكاة الركاز" التي تصل إلى 7200 ريال عن كل شاحنة، دون أي خدمات مقابلة أو سند قانوني؛ ومع وصول سعر المتر الواحد إلى 30 ألف ريال –أي بزيادة 100%– انفجرت حالة من الغضب في أوساط القبائل التي اعتبرت ما يحدث "مصادرة علنية للأرزاق".
وتُتهم مليشيا الحوثي باستحداث مكاتب وسيطة في قطاع الكسارات على مدى السنوات الماضية، لإدارة عمليات البيع والتحكم بالأسعار وتوزيع الجبايات بين نافذين، يتصدرهم "أبو صلاح الجمل" الذي يتهمه الأهالي بالاستيلاء على مداخيل القطاع لصالحه وصالح قيادات #حوثية بارزة.
ويرى ناشطون أن هذا الهجوم يشكّل أحد أخطر مؤشرات الرفض الشعبي والقبلي للمليشيا في معاقل نفوذها، ويكشف تصاعد الغليان في وجه الجبايات الجائرة والفساد المنظم.
اضف تعليقك على الخبر