خبراء: دعوات إلغاء عيد الأضحى تدمير للاقتصاد الوطني وتطاول على دين الله

مع بقاء فترة غير قصيرة على عيد الأضحى بالمغرب تتزامن مع جدل في استيراد الأضاحي وارتفاع أسعار اللحوم بالأسواق وتضرر القدرة الشرائية للمواطن بعد فترة رمضان، يحمل نشطاء عبر مواقع التواصل، مؤخرا، مطالب موسمية بإلغائه هاته المناسبة، لتفعّل بذلك نقاشا بين ما هو ديني واقتصادي.

وتنطلق مطالب إلغاء عيد الأضحى لدى النشطاء التي تتجدد موسميا من “انحصار المواطن البسيط في دوامة الأعباء المالية، واللجوء المتكرر إلى القروض الاستهلاكية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والمحروقات، وغيرها من الظروف الاقتصادية التي تجعل مثلا اقتناء أضحية عيد يصل ثمنها إلى 4 آلاف درهم صعبا وله عواقب مالية مستقبلية”.

ومع توالي سنوات الجفاف بالمغرب، فالحكومة لا تزال ترى استيراد رؤوس الأغنام حلا لتلبية الطلب المتوقع قبل موعد عيد الأضحى، في وقت تتعالى مخاوف المواطنين من عدم قدرتها في توفير أسعار مناسبة.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ويطرح خبراء دينيون واقتصاديون أن يقتني المواطن أضحية العيد إذا استطاع إلى ذلك سبيلا؛ فيما يقترح الاقتصاديون أن “يتشارك المواطنون في الأحياء أضحية العيد وتكون موحدة”، مجتمعين بذلك حول “ضرر خطوة عيد الأضحى وسلبياتها”.

تشارك أضحية العيد بين الأسر في هذا الصدد، قال عمر الكتاني، خبير اقتصادي، إن “إلغاء عيد الأضحى بالمغرب ستكون له عوائد سلبية كبيرة، خاصة أن نسبة البادية بالمغرب هي الكبرى”، لافتا إلى أن “المستفيدين من هاته المناسبة هم الفلاحون.

أما المتضررون فيمكنهم عدم اقتناء الأضحية طالما أن تكاليف المعيشة صعبة”.

وأوضح الكتاني لهسبريس أن “المؤشرات الاقتصادية تقول بالفعل إن عيد الأضحى سيكون صعبا هاته السنة على المواطنين، في ظل استمرار ارتفاع الأسعار؛ لكن يجب ألا ننسى أنها فترة ينتعش فيها القطاع الفلاحي، أبرز محركات الاقتصاد ببلادنا، وسينتعش المهنيون وينسون فترات الجفاف القاسية”.

وبيّن المتحدث ذاته أن هنالك ضررا بكل تأكيد من هاته الفترة، حيث المواطن البسيط والطبقة المتوسطة ستعيش أوقات صعبة؛ لكنه أهون مقارنة بإلغاء العيد وكبح اقتصاد المواشي والقطاع الفلاحي، الذي ينتظر هاته الفترة بفارغ الصبر.

وتابع: “عيد الأضحى سنة مؤكدة وليس عبادة؛ وإذا كان ضررها الاقتصادي قويا يمكن للمواطن أن يعفي نفسه عنها”، مشددا على أنه “شخصيا، ومن خلال المعطيات الاقتصادية منافعها أقوى من مخاطرها، حيث سينتعش فعلا القطاع الفلاحي”.

واقترح الخبير الاقتصادي ذاته أن “يقتني المواطنين في الأحياء أضحيات العيد بطرق مشتركة، تمكنهم من جهة من تقديم مبلغ بسيط، ومن جهة تعزيز التضامن والتآزر.

.

”، موردا أن “توجه بعض الأسر إلى القروض الاستهلاكية في هاته الفترة أمر غير مقبول دينيا، وحتى اقتصاديا”.

ورفض الكتاني حملات إلغاء عيد الأضحى بالمغرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موردا أن “هذا يحمّل المواطن مسؤولية هذا الوضع؛ في حين أنها تقع على عاتق السلطات الوزارية المعنية”، مشددا على أن “من لم يستطع اقتناء الأضحية فليس عليه عيب طالما أن الأوضاع الاقتصادية ستتأزم، ويجب على هاته الفئة أن لا تخجل من الأمر وتبقى حبيسة قيود مجتمعية ترى من عدم اقتناء أضحية العيد أمرا معيبا”.

افتئات على السلطان ومن الزاوية الدينية، اعتبر لحسن سكنفل، رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيرات- تمارة، أن “أضحية العيد سنة مؤكدة للقادر عليها، قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر) سورة الكوثر:2، وقال سبحانه: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ) سورة الحج: 35”.

وأضاف سكنفل لهسبريس أن “نحر الأضحية يوم العيد لا يتركه المسلم القادر عليه ولا يتخلى عنه، بل يفعله، لأنه عمل خير يتقرب به إلى الله تعالى.

ولهذا، فهو يقول عند النحر: “الله أكبر، اللهم هذا منك وإليك، اللهم هذا عني وعن أسرتي، اللهم تقبل مني”.

يفعل ذلك تقربا إلى الله تعالى، وامتثالا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بسيرته، استحضارا لفداء سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام بنحر الكبش فداء لابنه إسماعيل عليه السلام.

قال تعالى: (وفديناه بذبح عظيم) سورة الصافات: 107″.

وبيّن المتحدث ذاته أن “من لم يقدر على شراء الأضحية نظرا لضعف القدرة الشرائية لديه، خصوصا مع هذا التضخم المالي الذي يعرفه العالم كله، فإن الأضحية تسقط عنه شرعا، ولا يجوز له أن يكلف نفسه ما لا طاقة له به، وله الأجر بنيته وهو داخل في الذين ضحى عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ضحى عليه الصلاة والسلام بكبشين أقرنين أملحين، فقال عند نحر الكبش الأول: “اللهم هذا عن محمد وآل محمد”، وقال عند نحر الكبش الثاني: “اللهم هذا عن من لم يقدر من أمة محمد””.

“وعلى هذا النهج يسير مولانا الإمام أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعز الله أمره”، تابع رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيرات- تمارة، موضحا أن “الدعوة إلى إلغاء أضحية العيد تحت دعوى تدني القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع الأسعار تطاول على دين الله، ودعوة بغير علم، واعتداء على حقوق الناس في تدينهم، وافتئات على السلطان، وتدمير للاقتصاد الوطني؛ ذلك أن عيد الأضحى موسم للرزق حيث يسترزق أصحاب الماشية والجزارين وعدد من الحرفيين الذين يتصل عملهم بهذه الشعيرة التي تحمل في طياتها بعدا اقتصاديا، إضافة إلى البعد التعبدي والاجتماعي”.

وتابع قائلا: “سيبقى عيد الأضحى مناسبة للفرح والتكافل والتضامن والتعاضد بين أفراد الأمة أغنياء وفقراء؛ فكثير من الأغنياء يمدون يد العون لإخوانهم الفقراء، وستبقى الأضحية شعيرة دينية، وشعار من شعارات الأمة الإسلامية يبتغي بها المسلمون وجه الله تعالى نحرا وأكلا وتصدقا وهدية وادخارا”.

وشدد المتحدث سالف الذكر على أن “الذي لا يقدر على الأضحية تسقط عنه شرعا، ولا يجوز له الاقتراض إلا إذا كان قادرا على رد ما اقترضه دون الإضرار بنفسه أثناء أداء دينه”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 6 قراءة)
.