الإقتصاد السياسي للشنقلة والفنقلة
بصورة عامة المجال السياسي السوداني يتسيده الأقزام والذين ضاقت بهم أبواب الرزق الحلال.
أحد أهم الأسباب لهذه الأوضاع المؤسفة هو ترفع ألاف المثقفين والمتعلمين الرصينين، النزيهين، عن وحل الصراع السياسي اليومي، مفضلين نظافة أيديهم وسلامتهم الشخصية من من الهجمات المضادة من معسكر الشر في قضايا لا مصلحة مباشرة لهم فيها.
أسهل خيار علي المثقف، المتعلم، أن يبقي بعيدا عن درن السياسة، أو أن يدخل أحيانا كحكيم، ناصح، لا يفسد صفاء أي من الأطراف المتصارعة بصورة قوية – أو أن يدخل فقط بعد أن ينجلي الصراع ويصير إنتصار طرف ما حتميا مثل وطني المغربية الزين ملأوا الساحة عشية سقوط نظام البشير ثم اختفوا تماما بعد الحرب والوطن أحوج ما يكون.
أو أن يكتب المثقف النظيف في قضايا لا خلاف سياسي حولها مثل الفن والأدب والعلوم.
بهذا الهروب الكبير يظل المجال السياسي مهيأ تماما ليحتله الأقزام والعملاء.
كان خيار الأبتعاد النظيف أو الحياد الوقور هو الأمثل من زاوية المصلحة الشخصية لانه يعفي المثقف/المتعلم من كلفة الدفاع عن قضايا لا يربح منها شيئا مباشرا بل يتضرر في وقته وماله وسمعته وفرص الترقي الإجتماعي.
من أساطير الشيوعيين أنه بعد سقوط نظام نميري زار شاعر الشعب المجيد، محجوب شريف، موسكو بعد سنين من السجن والمعاناة تحت نظام أب عاج.
وفي ميدان أحمر ضرب محجوب تمثال لينين في راسه وقال ليهو كان ما صلعتك دي أنا حسي كان بقيت ناظر.
ولكن للاسف الآن تدور الدوائر وتحضر فاتورة الحلول الفردية السهلة في حرب ضروس نتيجة لبؤس الثقافة السياسية وممارستها في فضاء هجره المحترمون.
ومن لم يدفع ثمنا مباشرة من مثقفين بفضل الجواز الأجنبي، دفعه من دم أهله ومن إنهيار معنوي لوطن في داخله ما يحرمه من كل ذلك السلام النفسي والاعتداد بالذات السودانية الذي أسطره في أسماع ذريته حد الملل.
فلا عودة لاكبر نشوة تداهم المغترب في أوزون حين يشهر الأيفون ويضعه في الطاولة علي نظر الجميع بعد التاكد من أن تفاحة أبل المقرومة في الجانب الأعلى.
قال فيلسوف إغريقي قديم أن ضريبة الترفع عن الشأن العام هي أن يحكمك السفلة.
ولأهل السودان مثل غير منضبط ترجمته أن وطن فنقلوهو أهلهو حتما يشفشفهو الغرباء.
معتصم اقرع